Placeholder canvas Skip to content

إقرأ أيضاً

الانتقال من الفشل إلى الفشل جدًا
OIP (1)
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أزمة الفهم الأخلاقي الأمريكي للمسلمين
gettyimages-633356570
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي: تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والمسؤولية الاجتماعية
9e45c84d-f930-4bc4-8688-378ea0820f0d
WhatsApp Image 2023-11-29 at 18.16.00
م. رشاد أنور كامل
فوضى حواس أردني
DSC02663
Malik Athamneh3
مالك العثامنة
الفساد شريان الحياة السياسية في العراق
nohe-pereira-RvxSeJSgtUE-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
دول اليوم وجيل الغد
sasan-rashtipour-K6QvBBT17qE-unsplash
pexels-sabine-fischer-19052546
جودية سامي
لا تصدق كل ما تسمع
pexels-sabine-fischer-19052546
جودية سامي
March 8, 2024
العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ابن الحسين اثناء مشاركته في انزال المساعدات الجوي على قطاع غزة من قبل الجيش الأردني
جودية سامي -

على الرغم من الموقف الرسمي الأردني المنطوق والمفعول تجاه ما يحدث في غزة، لا يزال الامتعاض الشعبي مرتفع الصوت والوتيرة. تدور الاعتراضات الشعبية في الشارع الأردني بشكل عام حول تمسك الأردن الرسمي بالمعاهدات الموقعة مع اسرائيل، وعدم قيامه بتقييد السلع المقاطعة والشركات التي توفرها، توقيف الناشطين وأخيراً ما يعرف بالجسر البري. الجسر، حسب رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر خصاونة، وهو القانوني الدقيق في اختيار كلماته ما هو إلا “قصص من وحي الخيال”. والذي عاجله المتحمسون على وسائل التواصل الاجتماعي بنشر فيديوهات لشاحنة أو شاحنتين تحمل إشارة ترانزيت من الأردن، مفندين تصريح دولته.

عندما أبحث في المصادر الأجنبية عن الجسر البري، أو “الكوريدور”، الممر الجانبي، الطريق البديل… سمه ما شئت، يسعفني محرك البحث بعدد لا بأس به من الأخبار التي تؤكد وجود “ترتيب ما” يتيح لإسرائيل مدداً من البضائع تحمي أسواقها من الجفاف، عبر طرق برية تخترق الأراضي الأردنية قادمة من الإمارات. تختلط نتائج البحث بين أخبار في مواقع اسرائيلية تؤكد وجود الجسر المزعوم، ومواقع عربية وعالمية تتساءل عن وجوده، وأخرى عن جدواه، وأخبار قديمة عن “طريق حرير” وترتيبات لوجستية كلها سابقة للسابع من أكتوبر. لكنك لن تقرأ خبراً بلهجة واثقة تؤكد بشكل قطعي وجود “جسر بري” إلا في مواقع الأخبار الإسرائيلية.

تدعي مواقع الأخبار الإسرائيلية، على لسان مسؤولين أن الجسر البري استراتيجية ذكية تتجاوز  الحصار التجاري الذي ضربه الحوثيون في وجه السفن المتوجهة إلى البحر الأحمر مروراً بمضيق باب المندب، معتمداً على نقل البضائع براً عبر شاحنات من الإمارات، مروراً بالسعودية والأردن وصولاً إلى أسواق إسرائيل. الرواية الإسرائيلية في إعلامها الرسمي وغير الرسمي، مستميته لرفع معنويات شعب مصدوم من أهوال السابع من أكتوبر ومشوش بفعل حكومة متخبطة، جنود خائفين، ودماء في كل مكان. لنتذكر جيداً أن الرواية الإسرائيلية هي نفسها التي أكدت وجود رؤوس أربعين طفلاً متدحرجة في مكان ما، نساء مغتصبات، وموظفين من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” منتظمين أو متطوعين أو متعاونين مع حماس… وروايات أخرى عديده لا يتسع المجال لذكرها. ألا يعتبر تصديق الرواية الإسرائيلية محض انجرار وراء أداة حرب نفسية، وتنفيذ أجندة العدو بشكل غير مباشر؟ 

إذا سلمنا جدلاً بهذه النظرية الإسرائيلية، ألن نتساءل عما حدث لبقية الموانئ التي لم تتأثر بإغلاق البحر الأحمر كما تأثر ميناء أم الرشراش المحتل؟ طيب هل قصرت تركيا في توفير الاحتياجات عبر مياه الأبيض المتوسط؟؟ بلاش هاي، فلنجاري الرواية ولنرسم السيناريو معاً: سفينة الشحن التي تحمل آلاف الحاويات، اضطرت إلى العودة أدراجها إلى الخليج العربي متحملة تكلفة الوقود، لتفرغ حمولتها الضخمة في موانئ الإمارات مثلاً، ثم تتكبد مصاريف التحميل والتنزيل على رصيف الميناء، ثم تكاليف تحميل البضائع مجدداً على ظهور الشاحنات، التي لا تزيد سعة كل منها على حاويتين، يا سيدي فلنبالغ ونقول؛ ثلاث حاويات. لتقطع بعد ذلك قافلة طويلة من مئات الشاحنات أكثر من ألفي كيلومتر لتصل إلى وجهتها. طيب ماذا عن كلف التأمين على البضائع المنقولة براً على ظهر سلسلة من الشاحنات يصعب إخفاؤها، مروراً بأراضي دولة شعبها يغلي غضباً في انتظار فرصة للانقضاض على أي شيء يعني أي قيمة لإسرائيل أو ما تمثله؟ قائمة كلف طويلة، كفيلة بترهيب أي مورد مهما كانت ملاءته المالية. لا يستطيع أحد أن ينكر وجود بضائع أردنية في الأسواق الإسرائيلية، يوردها تجار ومؤسسات منزوعي ماء الوجه، بصفاتهم الشخصية والمعنوية. ولا يستطيع أحد إنكار حقيقة عبور بضع شاحنات منطلقة من الأردن أو مارة عبر أراضيه إلى الضفة الغربية أو غزة أو إسرائيل. لكن هذا كله لا يعني وجود “جسر بري” بالصورة التي يروج لها الإعلام الإسرائيلي. فهلّا توقفنا عن مساعدة العدو في تحطيم معنوياتنا، ونثر بذور الفرقة في الجسم العربي الشعبي. الأردن المأكول المذموم يستطيع أن يفعل الكثير، لكنه بالتأكيد لم يرتكب خطيئة “الجسر البري”.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.