skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

الانتقال من الفشل إلى الفشل جدًا
OIP (1)
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أزمة الفهم الأخلاقي الأمريكي للمسلمين
gettyimages-633356570
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي: تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والمسؤولية الاجتماعية
9e45c84d-f930-4bc4-8688-378ea0820f0d
WhatsApp Image 2023-11-29 at 18.16.00
م. رشاد أنور كامل
فوضى حواس أردني
DSC02663
Malik Athamneh3
مالك العثامنة
الفساد شريان الحياة السياسية في العراق
nohe-pereira-RvxSeJSgtUE-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
دول اليوم وجيل الغد
sasan-rashtipour-K6QvBBT17qE-unsplash
pexels-sabine-fischer-19052546
جودية سامي
إيران من الخارج!
WhatsApp Image 2023-10-04 at 19.42.28
سامح المحاريق
April 16, 2024
/تعبيرية michael Bayazidi @pexels
سامح المحاريق -

تداعت الدول السبعة الكبرى (اقتصاديًا) لتظهر دعمها لإسرائيل في اجتماع كان مطلوبًا ألا يتأخر فأتى عبر تقنية الاتصال المرئي!
هذه الحقيقة البسيطة تفسر تصريحات وزير الخارجية الإيراني بعد الضربة التي وجهتها بلاده لإسرائيل في إطار الفعل الانتقامي لقصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق، وحديثه عن المحدودية في الاستهداف وتجنب المصالح الاقتصادية والتجمعات المدنية، والعودة إلى مربع تجنب توسعة الصراع الذي أخذ يشكل جزءًا من هوية إيران وشخصيتها.
ما هو الجمع اللغوي السليم لإيران، هل يمكن أن يجيز المتبحرون في اللغة (إيرانات)؟ الأمر يستدعي هذا التجويز حيث يتعذر أن نتحدث في كل وقت وكل مناسبة عن إيران واحدة، وحتى أننا لا يمكن أن نتحدث عن إيران بصيغة المفرد من غير أن نشتبك مع تسمية فارس القديمة.
في الحادي والعشرين من أذار 1935 أصدر الشاه رضا بهلوي قرارًا بتغيير اسم بلاده ليصبح (إيران)، ففارس كما رآها الشاه، تسمية ذات نكهة استعمارية وشرقية، فالشاه أراد أن يتخلص من الصور المتراكمة في ذاكرة الاستشراق والتي تختصر بلاده في الحريم والخصيان والأراجيل.
كان الشاه مثل الطالب الذي فاته الإعداد للامتحان بصورة جيدة، وانكب ينقل الإجابات عن زميله في المقعد المجاور، أعني، مصطفى كمال أتاتورك، ولسوء حظه، كان الامتحان أمام الشاه في التاريخ، أما أتاتورك فكان يجيب على أسئلة الجغرافيا.
العثمانيون ومن قبلهم السلاجقة، شعوب طارئة على المنطقة، والموطن القديم للشعوب التركية بينه وبين الأناضول جبال وبحار وسهول واسعة، ولذلك كانت الهوية التي يقدمها أتاتورك مقبولة ما بقيت مرتبطة بحصة مناسبة من الجغرافيا، أما الفرس، فيحملون على أكتافهم تاريخًا ممتدًا توسع فيه وجودهم وانكمش لأكثر من مرة، رأوا العالم من قمته مرات، وسكنوا قيعانه المنسية مرات أخرى.
الأتراك نقلوا عن الفرس بعضًا من التاريخ، التقاليد التركية أخذت كثيرًا عن الفرس المتحضرين والموغلين في تواجدهم المكاني ومظاهره، ولكن لم يكن للإيرانيين أن ينقلوا ما حتمته الضرورة الجغرافية على جيرانهم الجدد في الأناضول. يمكن أن تمنح شخصًا اسم عائلة ما، ولكن لا يمكنك أن تمنحه ملامحها المتوطنة.
الفرس والعرب، قصة أكثر تعقيدًا، أمام الإمبراطوريات الفارسية التي أغلقت الفضاء الحيوي للتجارة العربية، وربما أي تجارة أخرى، خرجت السفن من اليمن وعمان إلى الهند وافريقيا، وكانت الحجاز البعيدة عن فضاء الفرص وأنظارهم تمثل خط التزويد للبيزنطيين باحتياجاتهم من سلع الشرق وبضائعه، وبدأت القبائل العربية تعرف مفاهيمًا مثل التراكم والتكامل، وفي هذه اللحظة بزغت الرسالة الإسلامية، واستطاعت أن تفرض جنسًا منعزلًا وغامضًا ليقلب العالم القديم.
عندما أسس أرشدير بن بابك الإمبراطورية الساسانية، وهي الوحيدة بين الإمبراطوريات الفارسية التي تمكنت من فرض هيمنتها على ضفتي الخليج العربي، وضع ترتيبًا طبقيًا صارمًا يتوزع بين طبقات رئيسية وفئات فرعية، ترتيب يتدخل في كل شيء حتى عالم العازفين والمهرجين، وهو ما أدى إلى ركود المجتمع الفارسي، ويمكن القول، أن قطاعات واسعة من الفرس كانت تنظر بإعجاب لربعي بن عامر الذي دخل على كسرى متجاهلًا ومتجاوزًا جميع الرمزيات التي تحيطه.
التحرر لم يحصل، فالفرس المخنوقون رأسيًا، ولا يمكنهم التحرك في المجتمع بأي طريقة كانت، وجدوا أنفسهم في حالة خنق أفقية، يعاملون بوصفهم فئة أدنى من العرب الذين لا يجيدون أي صنعة أو حرفة، ويقضون أوقاتهم في تقصي بطون القبائل، ولم يتغير شيء مع الفارسي العادي واليومي، فارسي السوق والحقل، فقط تغيرت اليد التي تمتد لتأخذ حصتها من إنتاجه وكدحه.
كلاب الصحراء، الطاعون والجراد، هذه أوصاف فارسية للعرب، ليست قديمة، بعض الكتاب والمثقفين الإيرانيين ما زالوا يستخدمونها، ولعلها شائعة في بعض الثقافات الشعبية، ولذلك لم يجد الداعية القرمطي أبو طاهر الجنابي عناءً يذكر في تحشيد الفرس للثورة القرمطية، فهو ببساطة أخبرهم: الله يكره العرب لأنهم قتلوا الحسين!
لماذا لا يثور الفرس؟ لماذا لا يتقاتلون بالمعنى الذي عرفه العرب والأتراك، كيف يخلو تاريخهم من التراجيديات الشخصية الكبرى، حتى التراجيديا أتت مستعارة، الحسين بن علي، ومن بعده سلالة من الأئمة كان بعضهم يريد أن ينأى بنفسه عن الصراع السياسي، إلا أن ذلك لم يكن خيارًا متاحًا أمام التعلق الفارسي بالتراجيديا المستعارة.
الفرس بين شعوب المنطقة المتاخمة، يمتلكون ما يخافون عليه، لديهم مفهوم المدينة والبيت والحقل، يشبهون الهنود، أما العربي، ومثله التركي، فعيشه في الطراد، وأي صيغة مبالغة هذه للمطاردة؟ يشعر أن كل شيء يتفلت من يده، ويمكن أن تختزل مقولةٌ مثل اليوم خمر وغدًا أمر، قصة العربي في جانب الشخصية البدوية التي كان الإسلام مناهضًا لقيمها، ولكن الكثيرين كانوا معجبين بصورة لا – واعية بتركيبتها، ذلك العربي الذي يحتقر الصناعة والمهنة التي تأتي من المهانة، وما زالت المجتمعات الريفية في الشام ومصر تحاول أن تطبق بعضًا من التقاليد العربية (البدوية)، أو تحاول التماس معها، فنجد جارين مدنيين يختلفان ويطلبان (قعدة عرب)، والعربي في دارجة مصر، هو البدوي، لا شيء آخر، فكيف يمكن أن تنتزع البداوة والصحراء بوصفها إطار الفكرة الفارسية عن العرب؟
لماذا أتت الثورة في 1979؟
الطفل اليتيم الذي يشق حياته الصعبة إلى الجيش ويستغل حصته المبكرة من الحكمة وموات القلب ليقفز على السلطة في انقلاب عسكري، قصة مكررة ومتوقعة، ولكن أن يعلن نفسه شاهًا ويؤسس أسرة ملكية في القرن العشرين! فهذا ما كان يميز رضا بهلوي ويجعله يحقق الحلم الذي أخفق فيه عشرات الجنرالات من قبل، وفوق ذلك، تدعي الأسرة بهرجةً وصلت إلى ذروتها ووقاحتها مع احتفالها التاريخي أو أغلى احتفال في التاريخ سنة 1970 بذكرى 2500 على تأسيس إيران! أي إيران؟
كانت هذه الأسرة تستغل الإيرانيين، ولم يكن بالأمر الجديد أو الجلل أن يجد الإيرانيون أنفسهم موضوعًا للاستغلال، ولكنها أتت بآخرين ليمتطوا الشعب الإيراني، ومع الامتيازات التي منحت للبريطانيين ومن وراءهم الأمريكيين، كان الإيراني مقتنعًا أن كلب أي موظف في السفارة الأمريكية يعيش حياةً أفضل وأكثر كرامة منه.
في هذه اللحظة، أتت استعادة مفهومي (الاستضعاف) و(الاستكبار)، الحلم النقي الذي وأدته تصاريف الزمن الفارسي، والعنوان، الرجل الذي يصفه محمد حسنين هيكل، بالرصاصة التي انطلقت من القرن السابع واستقرت في قلب القرن العشرين. تأويل هذه العبارة، والتي ربما تكون أفضل ما قدمته بلاغة هيكل، يختزل كل شيء في إيران في العقود الماضية.
المفارقة، تستدعي إيران رجلًا عربيًا يرتدي العمامة السوداء، بغض النظر عن التشكيك والتقصي في السلالة، يقود إيران إلى ثورتها ويزرع فيها الغضب ليكون جزءًا أصيلًا من شخصيتها الجديدة، الخميني الذي يعود بنسبه – المعلن – إلى الإمام موسى الكاظم، ومن بعده الخامنئي الأبعد قليلًا عن الشجرة الإثنا عشرية ولكنه في النهاية من أحفاد زين العابدين بن الحسين.
استحضرت إيران كربلاء لتعبر عن غضبها من ذاتها، وكربلاء هي النواة الضامنة لقوام إيران ما بعد الثورة، بكل تعقيداتها وغموضها ولهيبها ومرارتها تتشكل النواة لمجتمع إيران القابض على فكرة الفارسي الذي يتجرأ على كسرى، أي كسرى وكل كسرى، وفي عمقه، كان المتطاول على كسرى عربيًا، كان ربعي بن عامر، القادم بالصحراء، وكان يمثل كسرى آخر، ولكنه ملهمٌ لأنه عمومي وشامل، أو مبهم ومستعصٍ على الفهم، والوجه الآخر، هو الحسين الذي كان سؤالًا مفتوحًا، قابلًا لكل القراءات.
هربت إيران من عبء الحداثة الشكلية التي حاول البهلويون فرضها، وأمام واقعٍ مستغلقٍ ألقوا بأنفسهم في القرون الوسطى، إلى تلك اللحظة الكربلائية، المعقدة والمليئة بالغدر والخذلان، عاقبوا أنفسهم على ذنب لم يقترفوه، ويعتقدون إلى حد بعيد، أنهم قدموا حصتهم من العقوبة، وأن الآخرين، عليهم أن يستكملوا أنصبتهم المهدرة.
لا يمكن أن تفهم إيران خارج التاريخ، والمشكلة، أن الجغرافيا ليست معنيةً بإعادة ترتيب مسرح الحدث ليستوعب كربلاء الأدائية الشعبية التي يستحضرها الإيرانيون بثياب ربما تعبر عن روح العصور القديمة، ولكنها لا تصلح بأية حال لتخوض معارك المستقبل.
يفهم في ظل ذلك، خروج موظف في وزارة الخارجية الإيرانية ليعلن تصريحات مختلفة عن وزيره، لينقض كلامه، فإيرانات متعددة تتفاعل وكل واحدة تعبر عن طبقة تاريخية وعن تأويل خاص، ويبقى السؤال، متى تتوارى النواة الكربلائية تحت طبقات الضرورة، ومتى تتقد جمرتها لتحول إيران كتلة ساخنة، والأخطر من ذلك كله، متى وكيف يمكن أن تنفجر؟

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.