skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
وحلل يا دويري
WhatsApp Image 2023-10-04 at 19.42.28
سامح المحاريق
December 27, 2023
اللواء الأردني المتقاعد فايز الدويري/صفحة المحلل العسكري على فيسبوك
سامح المحاريق -

في مرحلة مبكرة من مرحلة طوفان الأقصى، أفلتت أعصاب الجنرال الدويري بعد كلمة للمتحدث عن حماس (أبو عبيدة) ألقى فيها تهديداً بإعدام أسير كل ساعة، أتذكر أنه ضرب الطاولة وبدأ يتمتم بما يعني “خطأ، خطأ”. كنت أوافقه الرأي، ولكن افترضت لو أنني كنت مكانه فلن أفعل ذلك، ولن أتصرف بهذه العفوية، لن أظهر مشاركاً ومتحيزاً، لن أقحم نفسي وكأنني جزء من القرار، هذه أولويات في العمل الإعلامي، الحياد عندما يتحول إلى نوع من التعفف، لا ينفي بطبيعة الحال، شهوات الإنحياز التي تسكن الجميع بمقدار يختلف من شخص إلى آخر.
أبو عبيدة، ناطق رسمي، وراءه آلاف الشباب، كان يفترض، في سيناريو آخر واقعي، وأكثر عدالة ومنطقية، أن يمضوا بعضاً من أوقاتهم وهم يلعبون الببجي PUBG، ويهتفون بحماسة: أكلوها…. أو كما يتحدث ابني: ابلع، لا أحب هذا الكلمة، ولكن أحب نشوته عندما يقتنص أحدهم في اللعبة الافتراضية.
أبناء غزة لم يكن بوسعهم أن يمنحوا أي مساحة من حياتهم الضيقة في جميع إحداثياتها للعالم الافتراضي، يعيشون الحياة بذئبية مبررة وأخلاقية، يجوعونهم فينطلقون بطريقتهم الخاصة لتدبر الحياة، ولكنهم يحترمون تقاليد الذئاب ولا يأكلون بعضهم، ومن بين هؤلاء الشباب الذين تجاوزوا الطفولة من غير أن يتورطوا فيها كما يجب، وبالكاد بللوا أطرافهم في مياهها، تأتي القوة المقاتلة لحركة حماس، وهي الكتلة التي تحمل أخلاقياتها الخاصة، وتفرضها، وهي ذات الكتلة التي صرخت في (أبو عبيدة): اسكت، من أعطاك هذه الأوامر؟ نحن مجروحون ومكلومون ولكن لن نتحول إلى قتلة، تراجع أبو عبيدة، وطويت القصة، وبعدها بأيام كان الشباب في حماس، كما تروي أسيرة إسرائيلية، يتعهدون بأن يبذلوا أرواحهم من أجل المحافظة على حياة أسراهم، أخبروها أنهم سيموتون قبلها، سيموتون وهم يدافعون عنها!
الشهادات أثبتت أن ما يجري في غزة مختلف، ربما لأن باريس وبرلين فشلتا في تصدير العصابيين والفصاميين من أبناء الجاليات إلى غزة مثلما فعلتا في حلب والموصل، ولذلك تغيبت الرؤوس المقطوعة، والأجساد المحروقة في شهوة احتفالية.
القوام الشرس لداعش كان من المهاجرين العرب إلى أوروبا الذين أعيد تصديرهم إلى الشرق من جديد وفقاً لشيفرة أخلاقية لم تكن يوماً شرقية، شيفرة مصنعة ومهجنة لتبرر بعد ذلك أية فعل انتقامي يعيد تسوية المنطقة بالطريقة المناسبة للمصالح الغربية، ما بعد بعد- الكولينالية.
غزة تجربة خاصة، مثل الجنرال الدويري، الرجل الكهل الذي بدأت قناة الجزيرة في التواصل معه من خلال الاستوديو في عمان، وبعد أقل من يومين استدعته إلى قطر، البعض تحدث متجرداً من الحساسية الأخلاقية عن البدلات الجديدة التي أخذ يرتديها في تحليله للوقائع العسكرية للحرب على غزة، وكأنه يجب أن يبقى رجلاً بيروقراطياً يرتدي البدلات السفاري ليصبح متسقاً مع ذاته، صحيح، فهو ليس سياسياً، يمكن أن يدخل في المساومات المطولة، وتحيزه فاضح وواضح، وكأنه يخرج إلى الاستوديو بعد أن يستمع إلى عبد الحليم محتمساً يغني: يا أهلا بالمعارك! ويبدأ تحيزه الجميل والأخلاقي، بكل كهولته التي ما زالت تحمل على أكتافه الطفل الأردني الإربداوي البريء، الذي بقي ينتظر حرباً لم تحدث في حياته، ويراها اليوم، ويتمنى من داخله، لو أنه كان الشاب الذي ينادي: أكلوها.
حلل يا دويري.. هذه فرصة نادرة لم يشهدها العالم كله من قبل، حتى في فيتنام لم تكن الأمور على هذه الشاكلة، خطوط الإمداد كانت مفتوحة لرفاق هوشي منه من الصين، لا أقلل من بطولتهم، ولكنها تبدو ثانوية ومتواضعة أمام ما يحدث في غزة.
لا أثق في السياسيين، ولا أطيق الاستماع لخالد مشعل أو اسماعيل هنية لأكثر من دقيقتين، أفضل مثل متابع يحرص ألا يفوته شيء مهم، أن أقرأ ملخص حديثهما، ولا أعتقد أنهما يقولان شيئاً مهماً في النهاية، ولكن الأمر مختلف مع الكلمات البسيطة التي يتناقلها الشباب في الميدان، من المسافة صفر، ويطلبون ببراءة أطفال يلعبون الببجي، من الدويري، أن يحلل، وحلل يا دويري.

شكراً، أيها الجنرال، لن تكون مثل الصحاف أو سعيد، لأنك تصدق نفسك وتصدقهم، وبغض النظر عن النتائج الختامية، فأنت أمين على احترامك لذاتك وللمقاتلين في الميدان، مثل أي جنرال أنجبه جيش محترم وثقافة مخلصة.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.