skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
لا عذر
Colette Bahna 2
كوليت بهنا
December 5, 2023
Photo by cottonbro studio: pexels/تعبيرية عن العنف ضد المرأة
كوليت بهنا -

“في كل ساعة، تقتل 5 نساء أو فتيات على يد أحد أفراد أسرهن. تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء للعنف الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتهن. تعيش 86% من النساء والفتيات في بلدان لاتوجد بها أنظمة حماية قانونية من العنف القائم على النوع الاجتماعي”.

هذا الموجز المكثف من سيل الحقائق والأرقام التي أدرجتها مؤخراً منصة الأمم المتحدة في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، هي في الواقع غيض من فيض ومجرد أرقام تقديرية، جرى استبيانها عبر السبل القانونية الدولية المتاحة لعمل منظمات الأمم المتحدة، فيما الاحصائيات الدقيقة عن حالات العنف ضد المرأة، المسكوت عنها في معظم الأوقات، يصعب تقديرها، ولاتصل إلى أحد.

إذ أن نظرة سريعة لوجوه العديد من النساء والفتيات الباهتة اللواتي تصادفهن في الشارع أو في وسائل النقل العامة أو في أماكن عملهن، والتدقيق في عيونهن التي تجرب أن توارب رسائلها الدفينة، أو القيام بزيارة خاطفة لمحاكم الأحوال الشخصية المتخمة بدموعهن وعويلهن، أو حتى زيارة عابرة لقسم الاسعاف في المشافي التي تكتظ بهن يومياً، كلها قادرة أن تشي لك بجزء يسير للغاية عن حكاياتهن الثقيلة ومقدار الشقاء الذي يعانين منه بأشكال مختلفة. نساء العالم وفتياته المعنفات بأشكل وطرق مختلفة، اللواتي بتن يدارين أوجاعهن لإنعدام الأمل لديهن، واحترفت غالبيتهن الصمت خشية عقاب ما، ستكتشف أنهن إن قررن البوح، لايتحدثن، بل يهمسن همساً، أو يتمتمن بكلمات غير مفهومة يشوبها الأنين.

الأمم المتحدة التي تنشط سنوياً في كل خامس وعشرين من نوفمبر، اليوم المخصص لمناهضة العنف ضد المرأة، وتطلق كل عام حملة تحت مسمى مختلف. أطلقت هذا العام حملتها العالمية المعنونة بـ(اتحدوا) تحت شعار الهاشتاغ (#_لاعذر). وهي حملة تمتد على مدى 16 يوماً، تنتهي في العاشر من ديسمبر الجاري، أي في اليوم العالمي لحقوق الانسان، بهدف زيادة الوعي ودعوة المواطنين والحكومات إلى مشاركة كيفية الاستثمار في القضاء أو منع العنف القائم على النوع الاجتماعي والتعمق في مقترحات الحملة، بما فيها البيانات وسبل الوقاية والاستثمارات. وهي جهود طيبة النوايا ومشكورة تنشط بها منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والنشطاء والناشطات وغيرهن منذ سنوات وتحت عناوين حملات سنوية مختلفة المسميات وشعارات وبيانات ومقترحات وغيرها..

ولكن، ماالذي تغير؟.

هل ساهمت مثل هذه الحملات السنوية في زيادة الوعي الاجتماعي العام وتغيير واقع المرأة أو الفتاة المعنفة حقاً؟ وهل انخفضت نسبة الاغتصاب أو عدد الفتيات القصر اللاتي يتم تزويجهن قسراً.؟ أو تراجع العنف الممارس ضد الاناث من قبل أولياء أمرهن، الأب، الجد، الأخ، العم، الخال، ابن العم وبقية ذكور العائلة الكريمة؟ وهل وقفت القوانين الصارمة مع حقوق المرأة في الميراث والحضانة والنفقة الكريمة والمنزل الآمن لها ولأطفالها؟ أم حصلت الفتاة على فرص جديدة في حق التعلم والغذاء وتقرير المصير؟.

أسئلة ستعثر بسهولة على إجاباتها الواضحة على أرض الواقع، إذ لم يتغير شيء ولن يتغير طالما أن الشرائع والأعراف مازالت هي الحاكم المستبد. أضف أن إقرار قوانين جديدة تخص حقوق المرأة هنا أو هناك من حين إلى آخر، مازال في العديد من الدول غير فعّال كما يجب، وكأنه مجرد إجراءات شكلانية بسبب تعثر تنفيذ آليات هذه القوانين كما يجب أو الالتفاف عليها أو إعاقة ترجمتها بشكل حقيقي. وإن لم تتغير الرؤية العامة لكينونة المرأة، والتي مازالت تقيم (جنسها) في المعتقد الشعبي العام والديني والاجتماعي منذ آلاف السنين بوصفها ضلعا قاصراً، فسيبقى الحال على حاله، وستظل حكايات المعاناة تتراكم، والتقدم المنشود المتعلق بحقوقها سيظل مسعى بطيء التنفيذ أو مستحيلا أو يراوح في مكانه.

لاشك أن الأمر يختلف نسبياً بين بلد وآخر بحسب تقدمه الاجتماعي وتقدمه القانوني في مجال حقوق الانسان، لكن نظرة شاملة لواقع المرأة عبر العالم، ستظهر أن العنف يكاد يتشابه في كل مكان بأدوات مختلفة، ولن تلحظ اختلافات جوهرية كبيرة تخص امرأة تعيش في دول نامية وبين امرأة تعيش في دول متقدمة. كل منهما مازالتا تتعرضان لأشكال مختلفة من العنف والاغتصاب والتحرش والعنف اللفظي والمعنوي المتوحش الأحدث الذي يسخر وسائل التواصل الاجتماعي خدمة لأغراضه وأمراضه النفسية.

أضف إلى ماتقدم، أن كوارث الحروب والمناخ المتفاقمة في العقدين الأخيرين، أفضت إلى خلق فئة جديدة من النساء والفتيات اللاجئات والنازحات، وفي الحقيقة تبدو هذه الفئة اليوم بوصفها الأكثر قهراً، والتي تتضاعف معاناتها أضعافاً مضاعفة. ويمكن الاستشهاد هنا بمئات الآلاف من النساء والفتيات الفلسطينيات أو السوريات أو اليمنيات أو السودانيات أو الأفريقيات أو غيرهن من اللاجئات والنازحات، اللواتي تنعدم لديهن كل سبل الحياة الكريمة، يمارس العنف ضدهن بحدّيه الجارحين، عنف الأهل وأولياء الأمر، وعنف الحكومات والعمليات العسكرية، فهل يمتلكن رفاهية المطالبة بحقوقهن الشخصية في ظل كل هذه الفجائع والفظائع الدولية التي تمارس ضدهن وهن غير قادرات حتى على ابتلاع كسرة خبز جاف دون خوف ورعب يحاصرهن من جميع الجهات؟؟

الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة التي حملت هذا العام شعار (لاعذر) مطلوبة ومشروعة لكنها ليست شاملة أو عادلة في الواقع، إذ لايكفي أن تناهض العنف الممارس من جهة وتبرره لآخر، وكان من الأجدى في مثل هذه الأوقات أن تشمل الرؤية جميع الدول التي تمارس العنف الحكومي والحروب وتبرره وتجد له الأعذار كما هو واقع الحال في غزة المنكوبة اليوم، لأن مثل هذا العنف العالمي قادر أن يصيب الجميع بالعدوى ويولد بؤراً عنفية مستمرة لدى البشرية، وبخاصة مع تفاقم الفقر الناجم عن الحروب واستنزاف الموارد العالمية التي تخلق مناخاً ملائماً للعنف في كل الأوقات.

وفي حقيقة الأمر المؤلمة، إن كانت بحسب أرقام الأمم المتحدة “تقتل 5 نساء أو فتيات في كل ساعة على يد أحد أفراد أسرهن، وتعيش 86% من النساء والفتيات في بلدان لاتوجد بها أنظمة حماية قانونية من العنف القائم على النوع الاجتماعي”. نحن اليوم نرى ونتابع ونشهد على مقتل مئات النساء والفتيات كل ساعة في الحروب، وتعيش أكثر من 86% من النساء والفتيات في بلدان لاتطبق بها القوانين الدولية الخاصة بحماية المدنيين من عنف الحروب، والحرب القائمة على غزة منذ شهرين، خير مثال وشاهد على استهداف النساء والأطفال، ورغم ذلك هذا العالم يجد(العذر) للقاتل.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.