skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
كتاب أبيض أردني في الحرب على غزة
Malik Athamneh3
مالك العثامنة
November 10, 2023
العاهل الأردني في تصريحات مشتركة مع المستشار الألماني أولاف شولتس في العاصمة الالمانية برلين (الديوان الملكي الأردني)
مالك العثامنة -

عام ١٩٩٠، أصدرت الدولة الأردنية رسميا ما يسمى بالكتاب الأبيض – White Paper. وفيه عرضت موقفها السياسي والشامل من كل قضية احتلال العراق للكويت بتفصيل زماني ومكاني يشبه توثيق الأحداث.

الكتاب الأبيض، تصدره الدول في حالات قليلة لأنه قائم على سياسات واضحة لا التباسات فيها يواجه التشكيك بتلك السياسات. ومحتوى الكتاب الأبيض يتحدث عن أحداث مضت لا عن سياسات قادمة.

كيفما انتهت حرب إسرائيل العدوانية على غزة، فإن الأردن قادر على إصدار كتابه الأبيض من جديد في كل ما يتعلق بسياساته الواضحة والحاسمة على كل ما حدث في مواجهة تشكيك وتعريض غير مسبوق سواء من داخله “الشعبي” او من محيطه الإقليمي والدولي.

وبصراحة، اجدني في موقف المدافع عموما عن تلك السياسات التي تستحق بياضها ومنتقدا بشدة الحواضن الإعلامية للدولة الأردنية نفسها والتي حصدت ولا تزال تحصد بؤس الحالة الإعلامية عموما، وعجز تلك الحالة عن التعبير الصحيح والسليم والشفاف عن سياسات الدولة في حرب إسرائيل الأخيرة على غزة والفلسطينيين.

الفرق اليوم بحد ذاته فارق، فالعصر هو عصر الثورة الرقمية والدفق المعلوماتي المحسوب بالثانية في فضاء افتراضي لا متناهي يخلق الفروقات على أرض الواقع في كل انزياحات الرأي العام والخاص معا.

مأزق “التعبير عن الموقف” يجد تجلياته الواضحة في كل منعطفات الأزمة الأخيرة، تماما مثلما وجد الأردن نفسه في ذات المأزق قبل عامين في أزمة “الفتنة” حين تخبطت الحواضن الإعلامية في التعبير عن الموقف، وهو موقف بسيط يكمن جوهره “قبل الفتنة وبعدها ودائما” بأن البوصلة هي الدستور.

يوم الخميس التاسع من تشرين ثاني- نوفمبر، وضمن سياق متصل منذ الصيف الماضي، أعلنت الحكومة الأردنية عن توصلها “..بنجاح إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء للبدء بتنفیذ برنامج وطني جدید للإصلاح المالي والنقدي یمتد للسنوات الأربع المقبلة بقیمة اجمالیة تصل الى١.٢ مليار دولار”.

وفي عبارة تنطق بالحقيقة لكنها تعكس قلق المصداقية بنفس الوقت، يضيف البيان الحكومي جملة تبدأ بتلك العبارة التقليدية “ومن الجدیر بالذكر” لتؤكد بعدها على ان المفاوضات لھذا البرنامج بدأت في شھر تموز اثناء زیارة الوفد الوزاري ومحافظ البنك المركزي لواشنطن.

شخصيا، أؤكد صحة البيان لأني حصلت على تسريب “بدء العمل على برنامج جديد مع الصندوق” في نيسان الماضي من مصدر حكومي رفيع المستوى، لكن شخصيا أشعر بالاستياء أن الحكومة مضطرة إلى حيلة “جدارة الذكر” القديمة لتبرير سير عمل مؤسسات الدولة الطبيعي وفي شأن إقتصادي، ومع كل ذلك فهي محقة بتلك الإشارة “الجدية بالذكر” لأن مساء الخميس كان عاصفا على وسائل التواصل الاجتماعي بعواصف التشكيك ومحاولات الربط بين “الاتفاق مع الصندوق” والموقف الأردني من غزة وتصويره على أنه ثمن مدفوع مسبقا لمواقف “مبطنة” لاحقة فيما بعد! والحقيقة ليست كذلك بالمطلق.

هذا من حصاد الإعلام الأردني في وضعه الراهن.

فقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها وسياساتها تتحمل مسؤوليته الدولة نفسها بكل مؤسساتها وسياسييها، والحضور الرسمي الأخير منذ السابع من أكتوبر في قضية “غزة” كان حضورا سياسيا رفيع المستوى بامتياز، لكنه لم يجد روافعه الإعلامية لأنها غير موجودة فعليا، وكان إنقاذ الموقف قائما على المدفعية الثقيلة الشخصية لرأس الدولة الملك “منذ المؤتمر الصحفي في ألمانيا مع المستشار الألماني حيث فجر لاءاته القوية” والملكة التي كانت على قدرة هائلة في إدارة “الإعلام التواصلي الرقمي” منذ الساعات الأولى للحرب، وشخص وزير الخارجية الذي قام بتفعيل مهاراته “الإعلامية” المحترفة وهو الصحفي في تأسيسه المهني، ورئيس الوزراء الذي تقاسم الدور مع وزير خارجيته حتى أثار حنق الإسرائيليين برد اعتراضي على لغة خطابه شديد اللهجة.

التشكيك في كل السياسات الأردنية وإحالتها “بسهولة مريبة” إلى دهاليز مؤامرات غامضة، ليس جديدا، لكنه هذه المرة يحمل تداعياته القوية في سياق أزمة تستهدف “الدولة الأردنية” بكاملها.

الشارع الأردني – وهو الأساس- منقسم لا يزال بين التعبير عن الرضى بحدث إنزال المساعدات جويا على غزة، في عملية عسكرية محفوفة بالمخاطر الجسيمة أو التشكيك بالرواية عبر إحالتها إلى “تنسيق مدبر” مع الجهات الإسرائيلية.

يخرج مراسل “إسرائيلي” في قناة إسرائيلية ليغرد عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن رواية غير موثقة تتحدث عن أن الملك عبدالله الثاني نفسه كان سيقود الطائرة لكن رئيس هيئة الأركان “وهو قائد سلاح جو سابق” يحول دون ذلك، فلا يحمل الإعلام الرسمي القصة تأكيداً ولا نفياً. والقصة في سياقها المنطقي تتناسق مع سياسات الملك الغاضبة من العدوان الإسرائيلي حد توصيفه لها بجرائم حرب وتساؤلاته المعلقة عن المساءلة القانونية، لكن ما تسرب من معلومات يفضي إلى أن رئيس هيئة الأركان قد يكون شارك في عملية الإنزال الجوي، وهذه سردية مهمة لم تجد من يرفعها إعلاميا حيث يجب أن تكون.

في روايات قادمة من خلف الأطلسي، حيث كان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي يستعد في “الغرفة الخضراء” لاعتلاء منصة الحديث بعد المتحدث الإسرائيلي، وقد تحدث الصفدي بغضب مقنع وسردية منطقية خلقت تفاعلا أمميا مع ما يحدث حقيقة من جرائم حرب في غزة، والروايات تتحدث عن الوزير القادم من مهنة الصحافة والمتمكن من مفردات الخطاب الإعلامي المحترف، أنه كاد أن يقع في المحظور “دبلوماسيا” لشدة انفعاله بالتهجم على المندوب الإسرائيلي، وهي روايات لم تجد من يؤكدها او ينفيها، لكنها تبقى مهمة في بناء الحالة السردية ولو صحت فهي مؤثرة أكثر بكثير الكثير من كل هذا الغضب المهدور احتقانا حول مبنى السفارة الإسرائيلية المهجور من موظفيه في رابية العاصمة الأردنية.

القرار الأممي الذي وقف وزير الخارجية الأردني على المنصة ليدعمه ورغم تبنيه أمميا إلا أنه لم يجد تلك السردية الإعلامية الموجهة نحو العالم للبناء عليها، فكانت الضرورة من جديد بالاعتماد على المدفعية الثقيلة لشخص الملك والملكة في مخاطبة العالم.

الإعلام المحلي الأردني، كان يخاطب نفسه مع أن هذه الأزمة الأخيرة تحديدا وحدت الخطاب الأردني إلى حد كبير. لكن يبقى الصوت بلا صدى يتجاوز الحدود المحلية.

**

ثلاث محاور أساسية تركزت في الخطاب السياسي الأردني، كانت تتسم بالواقعية وبعيدة عن رسم السيناريوهات وتوظيف الواقع المأساوي لفرض حلول قادمة: وقف فوري لإطلاق النار- إدخال المساعدات الإنسانية وبكمية كافية لإعادة تأهيل ما يمكن تأهيله من الإنسان في غزة- ومواجهة حازمة حاسمة لأي فكرة تهجير او ترحيل سكاني تحت أي سبب واعتباره إعلان حرب.

لكن الحواضن الإعلامية الأردنية كانت لا تزال تخاطب نفسها في ذات المفردات العقيمة.

من هنا.. ربما حان الوقت – حتى في مرحلة الحرب- إعادة تأهيل الإعلام الأردني للدولة الأردنية، ولا يعني ذلك الإعلام الرسمي فقط، بل كل الحالة الإعلامية والخروج فيها من منطق المقاربات الأمنية إلى حرية التعبير المسؤولة، ولا تكون مسؤوليتها إلا بالمهنية الكاملة والمطلوبة. وهذا يعني “بيروسترويكا” شاملة متكاملة تشمل كل شيء في الإعلام وبناء السردية المتكاملة والحوار النخبوي العربي – العربي، والعربي – الغربي.

ويحق للأردن، رغم كل ذلك، ان يصدر كتابه الأبيض في كل ما حدث.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.