إقرأ أيضاً
لم يكن القصد أن أكتب مقالاً يخرج عن المستقبليات، وبالفعل وأنا أحضر لمقال الأسبوع عن موجات الرعب التي تجتاح العالم من الذكاء الصناعي، وصلت إلى تعريف التكنوفوبيا، وهو مصطلح ظهر مع تطور الثورة الصناعية ودخول الآلة لتستبدل الجهد العضلي للإنسان، واستمرت بأشكال منها مبرر وأكثرها مرضي أو كوميدي، مثل الخوف من دخول الهاتف الأرضي إلى البيوت وتأثيره على عفة أهل البيت، وإمكانية المراقبة للأحاديث عبره والتي شهدت الكثير من العائلات في منتصف الثمانينات تغلف الهاتف الأرضي بكيس أو أكثر من النايلون لمنع التصنت الحكومي عليهم، وطبعاً ورث الهاتف النقال كل التكنوفوبيا لدرجة أن هناك فعلاً بشر لديهم قناعة أن الهاتف النقال يقرأ أفكارهم لذلك يلبسون قبعات من الألمنيوم أثناء النوم لمنع سوء استخدام أفكارهم..
وتمتد تلك التكنوفوبيا لتصل إلى نظريات عدم استخدام المايكروويف، إلى ظهور طائفة بشرية تعارض اللقاح.. كونه يحوي شريحة للتحكم بالبشر..
إسرائيلتكنوفوبيا
العرب عموماً ومنذ هزيمتهم عام ١٩٤٨ في فلسطين والتي أدت إلى النكبة، حملوا هزيمتهم إلى الأسلحة الفاسدة، لكن في نكسة حزيران ١٩٦٧ حول العرب هزيمتهم إلى التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، وبالغوا فيه لدرجة أصبح عقدة عربية تجاه تفوق تقني اقتصادي صناعي زراعي عسكري إسرائيلي، توصيفاً من الممكن تسميته إسرائيلتكنوفوبيا..
واستمر العرب، القادة منهم وبعض المواطنين، في اعتناق التفوق التقني الإسرائيلي، وقدراتهم الاستخباراتية والتي تصل إلى أنهم يعلنون مثلاً عن نتائج اجتماع عربي مغلق فور خروج المجتمعين وقبل حتى أي فرصة لتسريب أحدهم أسماء الحضور وما تم، وفي الغالب هو أن القيادات العربية هي من سربت تلك المعلومات بشكل دوري تواطئاً لا خيانة ، تواطئاً لتعزيز عقيدة الإسرائيلتكنوفوبيا و إسرائيل تعاونت معهم على تعزيز حالة الإسرائيلتكنوفوبيا عربياً، الى أن أصبحت واقعاً افتراضياً، وأصبحت جزءاً من عقيدتها التفاوضية مع من يرغب من العرب الاستكانة لإسرائيل كحليف ضد تهديدات جواره أو شعبه..فحججنا أمام شعوبنا المألومة هي الانحناء أمام التفوق.
واستثمرت إسرائيل فعلاً في مجالات الإبهار التكنولوجي والتنصت لا لأنه رابح اقتصادياً وإنما لأنه جزء من أعمدة مساعدة الجميع وخاصة العرب على تبرير ضعفهم الداخلي، ولعدم الاستجابة لفورات كرامة كل فترة تجتاح شعوبهم، وكل مالديهم فعلاً بعض برمجيات التنصت على شبكات الهواتف، والهواتف نفسها، ونجحوا فيها لا لعبقريتهم، وانما لانعدام أي حقوق للمواطن الفلسطيني الذي طبقت عليه البرمجيات وتم تطويرها دون أي حساب قضائي لانتهاك الخصوصية الفلسطينية، والعالم الأمني اشترى منهم نتائج هذا الانتهاك كبرمجيات.
إلى أن حدث ما حدث من انهيار مخز لأسوار التكنولوجيا التي تحمي إسرائيل نفسها والتي أدت بدورها لانهيار أسوار أكاذيب تفوق إسرائيل أمام الشعوب العربية والإسلامية..
اكثر من سبعين يوماً والعالم يتابع حرب مدمرة غبية بأسلحة غبية قاتلة للأطفال، لا تقنيات ولا ذكاء، ولا استطلاع عسكري ولا استخباراتي، نفاذ ذخيرة ، ومدن محروقة.
هذه معادلات بلداننا اصلاً في مواجهة شعوبنا ان انتفضت…
انهارت الإسرائيلتكنوفوبيا وانتهت التكنوفوبيا العربية من إسرائيل!
جميل…
وماذا بعد؟
ما التبرير الذي سنخترعه لعجزنا أمام النكبة الثانية؟
دعموامريكوفوبيا ، أم غربوفوبيا ؟
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.