skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
فلسطين في العالم الموازي
1470166
د. زيد بن علي الفضيل
January 15, 2024
تعبيرية/ أرشيفية
د. زيد بن علي الفضيل -

بات واضحا أن قضية فلسطين تأخذ مسارين رئيسيين متوازيين لا يلتقيان، المسار الأول، تُقرر مفاصله دولة إسرائيل بعنجهية وغرور، وبتأييد مطلق من مختلف الحكومات الغربية الرئيسة، وبخاصة الحكومة الأمريكية والبريطانية والفرنسية، وهو مسار مكيافيلي يقوم على تسويغ استخدام القوة المفرطة في مقابل تحقيق الهدف، يعني الغاية تبرر الوسيلة، حتى لو قتل الألاف من المدنيين، وانتهكت القوانين المدنية، وذبحت العدالة الإنسانية، فكل ذلك لا يهم، طالما وأن الهدف الذي أرادوه لم يتحقق.

أما المسار الثاني، فيقرر مفاصله ويقوده الإنسان بقيمه العدلية النقية، ومبادئه النقية التي لم تنحرف صوب شيطان المال والمصالح الاقتصادية الفردية، ناهيك عن عواطفه غير الملوثة بحيل السياسة وكذبها، وهو مسار لم يكن موجودا في العقود السالفة، لكنه اليوم صار متشكلا وواضحا، بل وأصبح قويا ليواجه صلف الحكومات الغربية المؤيدة لإسرائيل بالكلية، ويخرج بشكل واضح ليواجه السياسيين في القاعات والطرقات والأسواق، ويتظاهر في ظل كل الظروف دفاعا عن الحق والفضيلة وحسب.

ثمة مسار ثالث واضح في بيئتنا العربية، وأقصد به مسار النفاق المجتمعي، وهم أولئك الذين لديهم موقف مسبق من الشعب الفلسطيني بحجج واهية، فيعمدون إلى الإساءة إلى قضية فلسطين في كل وقت وحين، ويستغلون المواقف للتنصل من فلسطين وأهلها، وتجد عندهم قبولا مضمرا وظاهرا حينا للشعب الإسرائيلي؛ وفي هذه الأحداث الأليمة التي جعلت الشعوب الأوربية المغايرة في العرق والدين واللغة تخرج غاضبة مستنفرة، نجدهم يستمتعون بنكئ الجراح، وتكريس الهجوم على المقاومة بحجة ما حلَّ في غزة من دمار، الذي من وجهة نظرهم ليست إسرائيل مسؤولة عنه، وبالتالي ليس في بالهم محاسبتها، وإنما المسؤول عنه هي المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة الذين لم يثوروا على المقاومة، وما أشبه اليوم بالبارحة، حين استشهد الصحابي عمار بن ياسر في معركة صفين، وصاح الناس بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال فيه: عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار؛ فقال قائلهم: قتله الذي أتى به، فأجاب الإمام علي كرم الله وجه: إذن فمحمد قاتل حمزة.

حقا ما أسوأ هؤلاء المنافقين في كل وقت وحين، وليتهم يُدركون معنى ودلالة مكارم الأخلاق التي هي عمود التدين الصحيح، وفق قول النبي عليه الصلاة والسلام لسفانة بنت حاتم الطائي حين قالت: “يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليَّ مَنَّ الله عليك، وخَلِّ عني، ولا تُشمت بي أحياء العرب، فإن أبي كان سيد قومه، يفك العاني، ويعفو عن الجاني، ويحفظ الجار، ويحمي الذمار، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ويحمل الكَلَّ (الضعيف)، ويُعين على نوائب الدهر، وما آتاه أحد بحاجة فردَّه خائباً، أنا بنت حاتم الطائي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “يا جارية، هذه صفات المؤمنين حقاً، ثم قال: “خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق”.

هذه المسارات الثلاث لم تكن واضحة في موضوع فلسطين قبل اليوم، لكنها مع أحداث طوفان الأقصى باتت جلية لكل متابع متأمل، وهو ما يُنبئ بتغيير في معادلة الصراع بشكل جوهري، ذلك أن النفاق السياسي والمجتمعي قد انكشف، لاسيما مع استمرار الولايات المتحدة الأمريكية في تأييدها غير الأخلاقي والقانوني لوحشية دولة الكيان الإسرائيلي وجرائم الإبادة المستمرة في حق شعب أعزل واقع تحت سلطة الاحتلال من عقود طويلة، حيث وقفت منفردة، وبمؤازرة بعض الحكومات الغربية، في وجه قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الداعية لوقف العدوان وارتكاب المجازر طوال هذه الأشهر، ولم تلتفت لآلاف الأطفال والنساء والرجال العزل الذين قُتلوا بدم بارد من قبل الآلة العسكرية الإسرائيلية، بل وبعُهر سياسي يخرج بعض الساسة ليتباكوا على موت القتلة من الجنود الإسرائيليين، في مشهد سريالي قميء، ليس فيه ذرة مروءة وخلق إنساني.

وفي جانب آخر فقد بدأت كرة الثلج في التشكل، ولا أدل على ذلك من قيام دولة جنوب أفريقيا برفع دعوى قضائية في محكمة العدل الدولية ضد دولة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني وفق القانون الدولي، والتي ابتدأت عجلتها بالأمس القريب، وهو أمر غير مسبوق، ويدل على أن الناس خارج إطار الصهيونية العالمية قد فاض بها الكيل، ولم تعد قادرة على قبول الانتهاكات الإسرائيلية بحق شعب أعزل، وتأييد سياسيين نفعيين لها.

إنها كرة الثلج التي تتعاظم في العالم الموازي، وهي الشعوب التي أعلنت النفير متحدية قرارات سياسيين نفعيين أعلنوا تأييدهم للحكومة الإسرائيلية، والتي خرج وزير دفاعها ليعلن أمام الملأ بأنه سيبيد الشعب الفلسطيني في غزة الأمر الذي أدانته منظمة هيومن رايتس ووتش في وقته وحينه، لكن لم يتعد الأمر حد التصريحات، واستمرت آلة القتل والإبادة تقصف دون هوادة، ودون أي معايير قانونية وأخلاقية، واستمر الإنسان الفلسطيني مقاوما صابرا، يرفع صوته لله، وينثر دمه في السماء، في مشهد كربلائي متجدد،   فهل سيمر ذلك دون ثمن؟

أختم متسائلا: وبعد كل ذلك، أين سيتموضع موقفنا العربي السياسي مستقبلا؟

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.