skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
"غولدا".. التاريخ إذ يكرر نفسه
Colette Bahna 2
كوليت بهنا
October 22, 2023
الممثلة هيلين ميرين في دورها كغولدا مائيير في فيلم غولدا، الصورة من الاعلان الترويجي للفيلم على قناة "Bleecker Street"
كوليت بهنا -

تتميز أعمال “السيرة الذاتية” الخاصة بالعديد من مشاهير السياسة والأدب والفنون وغيرهم المطبوعة بإراداتهم كسرديات أدبية -توثيقية، أو تلك المكتوبة لاحقاً لصالح السينما أو التلفزيون، بخاصتيّ الجاذبية والإشكالية بآن واحد، لكونها ترفع الغطاء عن الكثير من الاعترافات والأسرار والخفايا التي يتوق الجمهور الفضولي لمعرفتها، أو تثير صدمة ما مع معرفة بعض الحقائق، أو تدفع أحياناً إلى إعادة فتح ملفات القضاء فيما لو تضمنت معلومات محرجة عن شخصيات اعتبارية مازالوا في مراكزهم الحساسة.

فيلم غولدا “Golda” الذي أطلق للعرض الجماهيري نهاية أغسطس الفائت من هذا العام 2023 في الولايات المتحدة ثم في السادس من أكتوبر الجاري في بريطانيا، لايبتعد عن هاتين الخاصتين، إذ يشكل بمحتواه الذي يتحدث عن رئيسة وزراء إسرائيل الأسبق غولدا مائير مادة درامية جذابة لأحفاد السيدة بوصفها “أم إسرائيل” كما أطلقوا عليها. وأيضاً بوصفه فيلماً يثير إشكاليات تلقي متباينة تتعلق بوجهات النظر المختلفة العربية والإسرائيلية والغربية التي ستقيمه وتحاكمه كل منها برؤية لن تخلو من تأثير السياسة والعاطفة والتاريخ.

“غولدا” الذي أخرجه جيه ناتيف وكتبه وشارك في إنتاجه نيكولاوس مارتن، لأجل إحياء ذكرى مرور 50 عاماً على حرب أكتوبر1973، لم يرق الى المستوى السينمائي المنشود من حيث السيناريو أو المشهدية أو الإحاطة بكافة جوانب الصراع وأطرافه، وهو تقييم عام موضوعي له، توافق عليه عدد من كبار نقاد السينما على المواقع المتخصصة العالمية، وكأن من أنتجه وصنعه تعمد ربما أسلوبية مبسطة تخدم شروط العرض التلفزيوني لأجل انتشار لاحق وأوسع للفيلم حال إتاحته على منصات العرض الالكتروني.   

كانت غولدا مائير، رابع رئيس وزراء لإسرائيل 1969-1974 قد دونت سيرتها الذاتية في كتاب “حياتي” الذي ترجم إلى “اعترافات غولدا مائير” تحدثت فيه بالتفصيل عن أيامها العصيبة خلال حرب أكتوبر أو “حرب يوم كيبور”. ومن الواضح أن هذا الكتاب كان ملهماً وأساساً ارتكز عليه صناع الفيلم لشرح ماحدث للأجيال الجديدة في تلك الحرب المصيرية الفارقة في تاريخ الصراع العربي-الاسرائيلي، ومنعطفاً تاريخياً حاداً أفضى بالتفوق العسكري العربي المشترك السوري-المصري، كما يبرزه الفيلم بذاته، إلى إيقاف حرب كان يمكن أن تغير كل المعادلات، وأفضت في النهاية إلى توقيع اتفاقية سلام مع مصر، شهدته مائير بنفسها باستعادة الفيلم لخطابها مع السادات في الكنيست الإسرائيلي.

يغيّب الفيلم الجانب الفلسطيني في هذه الحرب وكأن لاوجود له، ويبرز أهمية تأثير الدور السعودي عبر قطع امدادات النفط عن الغرب، والدعم العسكري الروسي للجانب العربي، وصولاً إلى برود مشاعر الولايات المتحدة بداية الحرب اتجاه حليفتها إسرائيل وتخبط الإدارة الأميركية في فضيحة ووترغيت آنذاك، ومن ثم وضع العلاقة الأميركية-الإسرائيلية على المحك، والتي ستتغير منذ ذاك الحين وإلى اليوم، لتصبح أكثر تشابكاً وتحالفاً وترسيخاً، بل دعماً استراتيجياً وعسكرياً واقتصادياً ودينياً غير محدود، يؤسس له وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، كما يتحدث التاريخ، وكما يظهر الفيلم في سياقه.

يتلخص فيلم “غولدا” التي أدت دورها البريطانية هيلين ميرين، بخضوعها بداية للجنة تحقيق “أغرانوت” ومسؤوليتها كرئيسة وزراء عن إزهاق الأرواح والفشل الاستخباراتي رغم المعلومات التي وردتها قبل يوم عن التعزيزات الحربية على الجبهتين السورية والمصرية وعدم الأخذ بها بالاعتبار أو حشد الاحتياط للتصدي لها، ومن ثم نشوب الحرب بشكل مفاجئ وسرد أدق التفاصيل التي عاشتها خلال الأيام اللاحقة قبل توقيع اتفاق وقف النار، دون إغفال إنهاكها الصحي واستمرارها تحت وقع القذائف في تلقي جلسات علاج السرطان الذي كانت تعاني منه.

إذ من الواضح أن التركيز على إمساكها بزمام الأمور -كسيدة قائدة للحرب والسلم- رغم كبر سنها وحالتها الصحية المتردية، إنما هدف إلى خلق الاحترام والتعاطف معاً مع دور المرأة القيادي بشكل عام. و”غولدا” هنا كما يقدمها الفيلم كأنموذج للعديد من النساء القياديات اللاتي عرفهن التاريخ، قادرة على إدارة الأزمات بحنكة وروية أكثر، لاتتخلى عن “نسويتها” من حيث المظهر والسلوك، ترتب شؤون البلاد كما ترتب منزلها، تحزن وتبكي لفقد الأبناء، تطبخ وتطعم زوارها في مطبخها “السياسي”، وتصنع الكيكة لفريقها الحربي والأمني، تعض على وجعها سراً وغير قادرة حتى على الاستحمام بمفردها.

الفيلم الذي لم يظهر صوراً للمعارك بل اعتمد على تمرير الوثيقة البصرية أحياناً وعلى مشاهد “دوكو-دراما”، وعلى الاعتماد على المؤثرات الصوتية والسمعية لوقائع الحرب والتي قد تترك أثرها الأعمق في المشاهد أكثر من المشاهد المباشرة. لم يتعمد حصد التعاطف مع شخصية غولدا فقط، بل بوصفها رمزاً لشعبها يعيد شحن الهمم من تأثير مفاجأة حرب 6 أكتوبر، وحصد التعاطف الدولي مع هذه الدولة “المسكينة التي يهاجمها العرب بوحشية وبغتة”. لكن من المؤكد أن صناع الفيلم لم يتخيلوا أو يتوقعوا أن تتكرر المفاجأة بعد خمسين عاماً ويوم واحد، أي في السابع من أكتوبر الجاري، بفشل استخباراتي جديد يزعزع أسطورة التفوق الإسرائيلي رغم كل التقدم التقني والعسكري الكبير والفارق بين المرحلتين، في عودة للتاريخ مكرراً نفسه في تفاصيل ودماء متشابهة.

في فيلم غولدا. يحضر الوزير هنري كيسنجر مخاطباً غولدا في مطبخها ومعرفاً عن مهمته التي جاء لأجلها: “جئت كأميركي أولاً، وكوزير خارجية ثانياً، وكيهودي ثالثاً”. لتقاطعه غولدا مائير بقولها: “هل نسيت أننا في إسرائيل نقرأ من اليمين إلى اليسار؟”. حوار درامي موثق سيكرره التاريخ مع زيارة أنتوني بلينكن الأخيرة إلى إسرائيل قبل أيام، ولكن بصيغة مباشرة لاتحتاج إلى من يصححها له بقوله بأنه لم يأت لإسرائيل كوزير لخارجية الولايات المتحدة فقط، ولكن كيهودي فر جده من القتال في روسيا. ليغيب عن المشهد هذه المرة الجيوش العربية وعودة اللاعب الفلسطيني، كلاعب أساسي يقود قضيته المصيرية.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.