skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عن الثورة الإسلامية وعدائها للأميركيين
Mona
منى فياض
October 10, 2023
/تعبيرية michael Bayazidi @pexels
منى فياض -

عام على ثورة الحجاب اين هي ايران؟*

بعد مرور عام على ثورة الحجاب إثر مقتل مهسا أميني، لم تبدل السلطة الإيرانية من سلوكها تجاه الشعب الإيراني وخصوصاً النساء. وبدلا من الالتفات الى حاجات الشعب ومطالبه ولتطلعات جيل الميلينيوم الشاب التواق الى الحرية، التي يعاين بأم عينية كيف يتمتع بها أقرانه في معظم الدول، وخصوصاً الديموقراطية بينها، نجده مصراً على نهجه وممارساته فيصدر قوانين قمعية جديدة او يفعّل القوانين التي كسرتها نساء ايران ولا تردن الالتزام بها. يستخدم لذلك شتى الوسائل، وخصوصاً التقنيات الالكترونية للإعلام وقدرات الذكاء الاصطناعي، من اجل القيام بحملات دهم وفرض مزيد من الرقابة وملاحقة المخالفين عن طريق الكاميرات والدخول الى حسابات المواطنين وفرض عقوبات مالية عليهم. يقومون بذلك ببطء وهدوء. فالسجون الإيرانية لا تزال تغصّ بالسجناء والاعدامات مستمرة بمحاكمات شكلية مستمرة. ومعلوم ان نسبة الإعدام في إيران هي الأعلى في العالم. وكي يغطي على فشله في ضبط الشعب الإيراني واستعادته الى بيت الطاعة، نجده يهرب الى الخارج هرباً من مشاكله. توجه الى الصين ثم بواسطتها انفتح على أعدائه التقليديين من دول الجوار، التي حاربها منذ قيامه وأراد تصدير ثورته لها، كي يستعيد علاقاته المقطوعة معها.

لكن السؤال الآخر البديهي، ما الذي قدمه المجتمع الدولي من اجل دعم الثورة ومناصرة قضية المرأة ولحرية الشعوب والديموقراطية على زعم خطاباته الرنانة؟

لم يفعل سوى تقديم الدعم الكلامي والخطابات الشكلية وفرض المزيد من العقوبات على النظام او تسمية شارع او قانون عقوبات باسم مهسا اميني. وهذه التدابير المتبعة والعقوبات، التي يفترض انها تضغط على النظام كي يغيّر من سلوكه، لم تجد نفعاً منذ بداية استخدامها عندما احتلّ الطلاب سفارة الولايات المتحدة في طهران. مقابل العقوبات تستمر الولايات المتحدة بمدّ خيوط التواصل مع نظام ولاية الفقيه، وهي سياسة متبعة منذ ان تم الاستيلاء على السفارة الأميركية من مجموعة تسمي نفسها “اتباع خط الامام الخميني” واحتجاز طاقم السفارة كرهائن!” كما أعلنت الإذاعة بصيغة خبر عاجل، في مساء يوم من تشرين الثاني نوفمبر 1979…

تعلق شيرين عبادي (الحائزة على جائزة نوبل) في كتابها إيران تستيقظ”، أن اسم المجموعة بدا لها غريباً وعديم المعنى. كان الجميع يتبع خط الامام الخميني، وإذا لم يفعل لم يكن يجرؤ على اعلان ذلك. فكّرت فوراً بمعاهدة فيينا المتعلقة بالعلاقات القنصلية. يا لهم من متشددين عديمي التفكير هؤلاء “الشباب”، قالت في نفسها. كيف يمكن احتجاز دبلوماسيين رهائن؟ تخيّلت ان اميركا ستشعر حكما بالغضب الشديد حيال عملية الاستيلاء المعادية على سفارتها وتجهّز لشن هجوم على إيران، في حالة التشوش التي تعيشها البلاد لم تكن إيران مؤهلة للدفاع عن نفسها. وتوقعت من الخميني ان يقوم، ولو لاتقاء ضربة أميركية، بإصدار أوامره لهؤلاء، وكانوا مجرد فتية لا يتجاوزون العشرين من أعمارهم، بإطلاق الرهائن. مرت بضعة أيام. ولم يكتف الامام الخميني بعدم إصار أوامر بالإفراج عن الرهائن، بل أشاد بشجاعة الشبان.

أما أميركا فلم تهاجم إيران، وقالت انها ستكتفي بتجميد الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة. وقد صدمها هذا التصرف كعمل شديد الغرابة، ان ترى أميركا المال نظيراً تكتيكياً: تحتجزون دبلوماسيينا رهائن، فنرد باحتجاز أموالكم رهينة.

عندما تستعيد عبادي تلك الأوقات تدهشها سذاجتها. كانت القيم الأخلاقية لهذه المسألة بسيطة الى درجة باهرة. ذلك ان احتجاز الرهائن يشكل خرقاً للقانون الدولي. انه غير قانوني، وعلى ذلك هو خاطئ ويستدعي الإدانة.

لماذا حصل إذاً؟ ذكّرها ذلك بأمير عباس هويدا، رئيس الوزراء الذي خدم الشاه 14 عاماً، وألقى به، الشاه عديم الوفاء، في السجن في العام الذي سبق الثورة كضحية بشرية لصد الطريق امام استياء الشعب المتفاقم. ولم يهرب من سجنه في يوم الثورة، لتشبثه بقناعة انه لم يرتكب خطأً يستدعي هربه كمجرم عادي، فبقي في السجن. كان مثلها مطّلعا على تاريخ الثورات العظيمة في فرنسا وفي روسيا وما اسفر عنها من استعراض للرؤوس المقطوعة. لكنه مثلها أيضا، لناحية قناعته بأن العالم لا يمكنه القبول بالغضب والاضطراب الملازمين للإطاحة العنيفة بنظام راسخ.

ربما اندهشوا بمشهد طهران التي يعرفونها من حولهم ليدركوا أن القواعد والعدالة ستضيع في الفوضى. كيف فكروا بأنهم سيوقفون هياج هؤلاء المنتشين بخمر السلطة في السفارة وانهم سيقبلون بمعاهدة فيينا فيغيرون رأيهم؟ تختم “أي مغفلين كنا”.

شعر الكثير من الإيرانيين بالاستياء لما يحصل، لكن لا أحد كان يجرؤ على الاعتراض، خشية وصمهم بالعمالة للأميركيين. ولم يلق مؤيدو احتلال السفارة بالاً لسمعة إيران في العالم. وقال أية الله:” لا يمكن لأميركا ان تفعل شيئاً”، وسرعان ما أصبح هذا الشعار يغطي طهران. ظل الناس مسحورين بفخر خادع، وظنوا انهم بذلك هزموا أميركا.

الأقلية شعرت بالقلق حيال انعكاسات معاهدة فيينا، بينما اعتبرت الأكثرية بتأثير كاريزما آية الله التي لا تجارى، انهم أبطالاً.
لا شك ان ما حصل كان تكتيكا ذكياً لإشغال الشعب الإيراني.

إذ سرعان ما أصبح احتلال السفارة هو الدراما المركزية للثورة. أعلن الطلاب انهم نبشوا في الأرض وثائق استخبارات سرية وراحوا يصدرون البيانات التي تتضمن أسماء إيرانيين زعموا انهم يتجسسون لحساب الحكومة الأميركية. والتف الناس حول السفارة وصاروا يتجمعون عند التقاطعات المحيطة بمجمع السفارة ويهتفون متبارين مهتاجين “الموت لأميركا”.
أصبح محيط السفارة مكاناً للنزهة وسوقاً للأطعمة ولشراء صور آية الله الى جانب العصير. وما بدأ في الأساس اعتصاماً أصبح حالة قطيعة مرضيّة مع العالم.

دام الحصار 444 يوماً. نصف العالم أرسل موفدين الى آية الله الخميني يناشدونه إطلاق الرهائن، حتى البابا نفسه، دون جدوى.

وبدأ الناس يشعرون بحجم الضرر الذي الحقه احتلال السفارة بمكانة إيران في العالم. وجلب العداء حيال القوة العظمى العالمية الوحيدة أعباء خطيرة. سواء لصيانة البنية التحتية النفطية، او شراء طائرات البوينغ واستخدامها، وتقادم الأسطول الجوي المدني، واستبدال بالطائرات الروسية التي كانت تتساقط من السماء بانتظام مثير للهلع.

جعل احتجاز الرهائن مصيريْ الولايات المتحدة وإيران متشابكين لعقود مقبلة، على الرغم من انها ربما كانت المرة الأخيرة التي تتواجه فيها الأمّتان مباشرة!؟

لاحقت ايران الثورية الأميركيين في بيروت التي كانت تعمها الفوضى، في مطلع الثمانينات بإرسالها المتشددين وحرّاس الثورة الى لبنان، في خضم ابتلائه بحرب أهلية، لتأسيس المجموعة الشيعية الملتزمة “حزب الله”. وبدأت مسيرة التفجيرات: مقتل 63 شخصاً داخل السفارة بشاحنة اقتحمتها ربيع 1983، وفي الخريف تفجير انتحاري آخر 241 جندياً من المشاة البحرية في ثكنات تابعة للجيش الأميركي في بيروت.

ثم خطف الرعايا بمن فيهم رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وكان الدبلوماسيون الذين يريدون تحرير الرهائن يسافرون مباشرة الى طهران.

على السطح هيمن العداء، لكن انتشرت الشائعات، حتى من الجانب الإيراني في أزمة احتجاز الرهائن، عن قناة اتصال سرية خلفية بين الخصمين المعلنين. وزعم أعضاء رفيعو المستوى في إدارة الرئيس جيمي كارتر المنصرفة أن محتجزي الرهان وافقوا عبر قنوات اتصال خاصة على إرجاء الافراج عن الرهائن الى يوم أداء الرئيس ريغان القسم الدستوري. وبالفعل لم تكد تمر ساعات قليلة على أداء ريغان القسم حتى أبلغوا الأمة ان احتلال السفارة قد انتهى.

وغذّت فضيحة إيران – كونترا في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي هذه الشبهات، عندما تسرّب ان الولايات المتحدة عازمة على بيع إيران صواريخ مقابل الافراج عن رهائن. ولطّخت الفضيحة إدارة ريغان، لكنها أيضاً جعلت الإيرانيين دائمي التساؤل حيال موقف حكومتهم،، التي أصبحت سيئة السمعة، فهي تبدي عداء متقداً لأميركا فيما تتواصل معها، خصوصاً عندما ظهرت تفاصيل بعثة سرية الى إيران: في العام 1986 أرسل الرئيس ريغان مستشاره للأمن القومي روبرت ماكفارلين الى طهران حاملاً كعكة بالشوكولا على شكل مفتاح، ونسخة من الكتاب المقدس عليها كلمات مكتوبة بخط الرئيس.

وقد تحوّلت الكعكة على شكل مفتاح الى ما يشبه الأسطورة السياسية في إيران، الى رمز للتعاون البعيد عن الأنظار خلف العداء العلني بين الدولتين.
تذهب الحكمة السائدة في واشنطن الى فهم العلاقة على انها زواج اتخذ منحىً سيئاً، وفيه تظهر الانفعالات القوية من قبل الجانبين على ذات درجة الأهمية لجهة الحسابات الاستراتيجية. يستند هذا المنظور الى فهم سلوك إيران على انه انفجار لغضب الإسلام المتشدد ضد الشاه العلماني. في حين ان الذاكرة الجمعية في إيران تمتد أبعد الى الوراء وترى ان الطلقات الافتتاحية جاءت عام 1953، عندما أبعد انقلاب أميركي مصدق عن السلطة.

التنسيق بين النظامين مستمر منذ تلك الفترة البعيدة وحتى الآن. كان الشاه معتمد الاميركيين كشرطي الخليج. ولعب النظام الإسلامي نفس الدور، تحت شعار تصدير الثورة. أّدّت حرب صدام على ايران الى نفس النتيجة، إضعاف دول المنطقة عبر صراعاتها.

والآن ألا تتبع الإدارة الأميركية حالياً نفس النهج؟
عداء معلن ومباحثات وتواصل سري يسمح بتبادل 5 او 6 سجناء مقابل 6 مليارات دولار مع بنود اتفاق سرية غير معلنة تسمح للإدارة بالتوفيق بين إعادة الاتفاق النووي دون المرور بالكونغرس المعارض لهذه العودة.


مرجع الكتاب: ايران تستيقظ: شيرين عبادي، ترجمة حسام عيتاني، دار الساقي، بيروت، 2010.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.