skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عنصريتنا المسكوت عنها والويلات المترتبة عليها
Mansour
منصور الحاج
October 12, 2023
Image by Freepik تعبيرية
منصور الحاج -

لطالما شغلني موضوع العنصرية والتمييز والاستعلاء العرقي والديني والطائفي في الدول العربية والإسلامية ولطالما تساءلت عن أسباب تجاهل السلطات وعزوف الإعلاميين والمختصين في علم الاجتماع عن مناقشة هذه القضية المهمة مناقشة مستفيضة والتطرق إلى أسبابها وتداعياتها المدمرة على الأمم والمجتمعات.

سأحاول في هذه المساحة تسليط الضوء على أوجه ومظاهر هذه الأمراض الإجتماعية المدمرة لمجتمعاتنا والتطرق إلى الأسباب التي تجعل السلطات تغض الطرف عنها وما يدفع الإعلاميين إلى التحرج من طرحها وتجنب تناولها.

إن مما لا شك فيه أن قضايا العنصرية والتمييز والاستعلاء من القضايا الحساسة جدا في مجتمعاتنا العريبة والإسلامية التي يتحرج الاعلاميون والمختصين من تناولها لتفادي المضايقات التي قد يتعرضون لها من أصحاب السلطة والنفوذ الذين يمارسون العنصرية والتمييز والاستعلاء أو يستفيدون منها.

يدرك الاعلاميون المحترفون والخبراء المختصون تماما أن أي تناول حقيقي لهذه القضايا يتطلب التطرق إلى والحديث عن “الفيل الذي في داخل الغرفة” أو بمعنى أدق تسمية الشرائح والأفراد الذين يمارسون هذه الآفات أو يسفيدون منها وهم في الغالب من أصحاب السلطة والنفوذ والمكانة الإجتماعية الرفيعة الذين بإمكانهم التضييق على كل من يرون أنهم يشكلون تهديدا لمصالحهم والامتيازات التي يحصول عليها بسبب انتماءاتهم القبلية والعرقية والدينية والطائفية.

وبالطبع تتعمد السلطات في دولنا تجاهل هذه القضايا لأن وجودهم في السلطة هو مظهر من مظاهر هذه المشكلة وبدلا من معالجتها وإعادة الأمور إلى نصابها ولو تدريجيا والاستفادة من الدورس والعبر من التبعات الكارثية للظلم المترتب عن العنصرية والتمييز والاستعلاء، تغذي السلطات النعرات القبلية والعرقية والطائفية من أجل إظهارها كواقع طبيعي لا يمكن ولا يجب تغييره.

أما تجليات العنصرية والتمييز والاستعلاء فهي أمور لا تخفى على أحد ويمكن ملاحظتها في كل مناحي الحياة اليومية بل ويتم مناقشتها على الدوام في المجالس الخاصة بين الأصدقاء وخلال الاجتماعات العائلية ويعرفها الصغار قبل الكبار وهي بالطبع أكثر تجليا لأبناء الشرائح والأقليات المضطهدة الذين عادة ما يكونوا نواة المظاهرات والاحتجاجات سواء كانت سلمية أو عنيفة ووقود حركات التمرد المسلحة.

أما الكوارث والنكبات والويلات التي حدثت وتحدث في العالمين العربي والإسلامي بسبب تجاهلنا ورفضنا مناقشة ومعالجة قضايا العنصرية والتمييز والاستعلاء في مجتمعاتنا فهي في كل مكان تقريبا وظاهرة للعيان كالشمس في وضح النهار. خذ على سبيل المثال الإبادة الجماعية لأقلية التوتسي على يد قبيلة الهوتو في رواندا التي راح ضحيتها مئات الآلاف لتدرك مغبة الاستعلاء العرقي بين أبناء البلد الواحد. ثورات الربيع العربي والحروب الأهلية التي تمخضت عنها هي مثال واضح لعواقب الظلم والاستبداد واحتكار السلطة والثروة. الحرب الدائرة في السودان حاليا بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني هي نتيجة لعدة عوامل من ضمنها الاستعلاء العرقي لقبائل معينة على حساب قبائل أخرى. الحرب التي تسببت في انفصال جنوب السودان عن شماله كان للإستعلاء الديني دور كبير فيها. الحروب الطائفية في العراق وظهور الجماعات الجهادية كالقاعدة وداعش ما هي إلا تجليات لمشكلة الاستعلاء الديني والطائفي.

من الملاحظات الهامة في هذا الموضوع أن وسائل الاعلام العربية عادة ما تحرص في تغطياتها الإخبارية على التطرق إلى قضايا التمييز والعنصرية والاستعلاء العرقي في المجتمعات الغربية مدفوعة إلى ذلك غالبا بتوجهات ايدولوجية تسعى إلى شيطنة المجتمعات الغربية والتركيز على سلبياتها.

في تلك التغطيات، يتحول الإعلاميون العرب فجأة إلى خبراء في قضايا العنصرية والتمييز فيطرحون الأسئلة بحماس منقطع النظير حتى ليخيل للمتابع أن تلك القضايا هي في صميم اهتماماتهم ولكن يخفت هذا الحماس تماما ويكاد يختفي حين يتعلق الأمر بقضايا مماثلة في البلاد التي يعملون فيها وكأنها قضايا تافهة لا تستحق أن تُناقش أو أن تُسلط عليها الأضواء لأسباب يعرفها الإعلاميون أنفسهم وقد تطرقت إليها آنفا.

إن قضايا العنصرية والتمييز والاستعلاء هي من القضايا الحساسة في المجتمعات الغربية كذلك لكنها في الوقت نفسه تحظى بالاهتمام الإعلامي هناك حيث يتم مناقشتها بكل شفافية وجدية كما توليها السلطات اهتماما بالغا في التصدي لها أمنيا والحرص على معالجتها أسبابها وتداعياتها تشريعيا.

لن أقول بأن الوقت قد حان لمناقشة هذه القضايا مناقشة جدية فقد تأخرنا كثيرا في ذلك وندفع جميعا ثمن ذلك من دماء أبنائنا ومقدرات دولنا التي يتم تبديدها في حروب وصراعات أهلية بدلا من أن يتم استثمارها في مجالات التعليم والصحة والتنمية المستدامة.

إن من البديهي القول بأن السلطات السياسية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في استشراء داء العنصرية والتمييز والاستعلاء في مجتمعاتنا ولكننا أيضا مسؤولون ويقع على عاتق كل منا مسؤولية التوعية والتوجيه ومحاربة كل مظاهر هذه الأمراض ورفض المشاركة فيها على أقل تقدير.  

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.