skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
روجر ووترز.. القوي والرافض والجدلي والخطير!
WhatsApp Image 2023-11-03 at 15.25.09
هاني نديم
November 24, 2023
هاني نديم -

لا أخفي إعجابي بالأشياء التي تولد صدفةً وتستمر بمزحة عبثية، ثم تجد نفسها قد تورطت أخلاقياً وإبداعياً ونفسياً فتكمل طريقها متحديةً قدراتها ووسطها الجديد وتأخذ حقها ومستحقّها بليّ الذراع وشق الأنفس. هذا ينسحب على كل شيء في حياتي؛ الفرق والرياضيين والشعراء والمخرجين والممثلين إلى آخر القائمة.

في عام 1965 التقى ستة من الشباب الجامعيين، وأسسوا فرقة موسيقية عبثية يتسلّون بها في “الويك إندز” وحفلات التخرّج، فلحّنوا محاضرات أساتذتهم وأوراقهم التي عليها مسائل رياضيات كما لحنوا جمل زملائهم الغريبة والمستعصية عن الفهم ونكاتهم البذيئة، وسجلوا أغانيهم في قاعة شاي رديئة تحت الأرض.

ومثل هذا التجمّع، لا بد أن تكون المفارقات من أصل تكوينه، إذ سرعان ما تصاعدت دراماه ليصبح هذا النسيج أسطورةً من أساطير الروك، أو البروجريسيف روك تحديداً، هذا النوع الذي مزج بين النخبوية والشعبوية بمهارةٍ عجيبةٍ وقدّم ما لم يكن سائداً في ذلك العصر، قصائد فلسفية وكلمات وجودية لمجانين الروك الذين لا يسمعون سوى صوت الصخب وهو يهبط كالحجارة من أعلى الجبل.

تصاعدت دراما تلك الفرقة الشابة بالصدفة مثلما نشأوا وتأسسوا بالصدفة، فبعد ثلاث سنوات من تأسيسها تدهورت الصحة العقلية لسيد باريت، مؤسسها وعرّابها ليحلّ محله الأسطورة روجر ووترز كمغنٍ وعازف غيتار وصانع موسيقا وشاعر فلسفي كبير ومناضل إلى الأبد ضد أي ظلم في الحياة.

لم تقف دراما الهوامش عن متون بينك فلويد التي اختارت اسمها من الجمع بين اسمي “بينك أندرسون” و”فلويد كاونسيل”، موسيقييْ البلوز المعروفين، وذلك بعد أن جربت الفرقة عدة أسماء بدءاً من سيجما إلى مجموعة الشاي إلى بينك فلويد أخيراً.

لا أخفي إعجابي بالمغامرين أيضاً، أولئك الذين يقفزون في الهواء معتمدين على ما لا نعرف للوصول إلى الحافة الأخرى دون أن يصابوا بخدش. لقد آمن بهؤلاء الطلبة المشاغبين محاضرٌ في كلية لندن للاقتصاد يدعى بيتر جينر فتبناهم لتبدأ رحلة مجدٍ لم تتوقف حتى هذه اللحظة. تلك الرحلة التي لم تكن سهلة أبداً، فقد بدأ الفلويديين عملهم وسط زحمة هائلة من الأنماط الموسيقية والفرق التي تتزاحم بالمناكب والأسماء، فقد كان على سبيل المثال أكثر من 11 فرقة اسمها مجموعة الشاي! وإضافة إلى هذا تبنت الفرقة خطاً موسيقياً فلسفياً في وقت مجنون، لقد قال روبرت فريب مغني فرقة كينغ الشهير: “لا أحب قصائد البروغريسيف روك واعتبرها كلمات ملتوية فلسفية لإنجليزي أبله يطوف حول تجارب غير مهمة في حياته!”.

حياة مشبعة بالدراما عاشتها الفرقة فكرّستها كواحدة من أعظم الفرق عبر التاريخ، والتي أصبحت أكثر نضوجاً تحت قيادة روجر ووترز بعد انهيار سيد باريت التام وأحداثه العجائبية (أنصح بمشاهدة فيلم Have You Got It Yet?). لا أستطيع أن أخفي إعجابي الهائل بووترز الذي كتبت كل هذه المقدمة لأصل إليه، إنه حالة فريدة من التأثير، ذلك الرجل الذي لم يكن يعرف كيف يدوّن نوتاته الموسيقية فاخترع وسيلة لتدوين مؤلفاته الموسيقية، ووترز الذي أنسن أطباق المطبخ وسكاكينها وملاعقها وأقحمها في بنية موسيقاه، والذي وقع عقود حفلات كبيرة ولم يكن لديه فكرة عما سيقدم بعد أسبوع، العنيد الذي تحدى نقاد الموسيقا الكبار ممن قالوا إن أعماله مجرد موسيقا تصويرية لفيلم غير موجود.

العاطفي الذي ارتطم بنجاح ألبومه The Dark Side of the Moon ولم يعد يجد ما يقوله بعدها، ولكن القدر ساق إليه صديقه القديم “سيد باريت” ليحضر بروفة الفرقة فلم يتم التعرف إليه من حالته المزرية التي وصل إليها بسبب المخدرات. جلس مع أصدقائه القدامى ولكنه لم يكن موجوداً، فكتب فيه ووترز واحدة من أعظم ألبومات الصداقة على الإطلاق، وأعني Wish You Were Here وفيه تسع مقطوعات تكريمية لسيد باريت وهو ما عزز -مجدداً- لبينك فلويد المجد المستمر والمتصاعد.

ووترز الذي ترك الفرقة أكثر من مرة وقاضاها ثم وجدوا أنهم لا يمكن الاستمرار لهم دون قوته الإبداعية الخلاقة، وأن بينك فلويد اسم يجب أن يبقى بغض النظر عن أفراد الفرقة العاملة لأنه طاقة قيمة مستقلة وطاقة عمت العالم، الطاقة التي لم تتوقف عن إثارة الزوابع والقضايا القانونية الخاسرة لكنها ربحت العالم بأسره.

لا أستطيع أبداً إلا أن أحب روجر ووترز رغم كل الجدل حوله، لأنه أحد أبرز مؤيدي فلسطين والداعي لإزالة الجدار الإسرائيلي والفصل العنصري في الضفة الغربية والداعم لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. المعلن جهاراً نهاراً بأنه معادٍ للحركة الصهيونية.

المشتبك، الذي انتقد حزب المحافظين وذكر مارغريت تاتشر بالاسم في ألبومه الخالد The Final Cut. أحبه وهو يضع عنواناً فرعياً لهذا الألبوم: “قدّاسٌ لحلم ما بعد الحرب من تأليف روجر ووترز، تؤديه بينك فلويد”.

 أحبه هذا الداعي للحرية والمساواة. حين سقط جدار برلين أقام ووترز واحدة من أكبر حفلات الروك في تاريخ البشرية بين 350 ألف شخص ومليار متفرج على الشاشات. تم تعمير حائط طوله 170 متراً وارتفاعه 25 متراً. بدأ الحفل بإطلاق صافرة الحرب العالمية الأولى وانتهى بهدّ الجدار الذي كلّف أموالاً طائلة. لقد كان عملاً مسرحياً موسيقياً مفاهيمياً وخيرياً أيضاً؛ إذ ذهبت عوائده إلى الصندوق التذكاري للإغاثة من الكوارث.

أحبه وهو غير آبهٍ بالقوة الصهيونية المسيطرة على مفاصل العالم، أحبه وهو ملاحق من المنظمات الصهيونية في كل محل بتهمة معاداة السامية ولكنه في كل مرة ينجح رغمت أنوفهم. إنه بالقوة التي تمكنه من التصريح لجيروزاليم بوست، إن هجوم حماس الأخير على إسرائيل ربما كان عملية زائفة وأن تصرفات حماس كانت مبررة من الناحية القانونية والأخلاقية كمقاومة للاحتلال الإسرائيلي. وهو بالقوة التي يستطيع معها أن يقول للعالم بعد تحقيق جنائي بحقه في ألمانيا بسبب اللوبي الصهيوني: “لن تجد نجوماً كثر إلى الجانب الفلسطيني لأن الصهاينة يسيطرون على عالم الموسيقا، ولكني لا أهتم.. أنا مع الحرية والحق”.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.