skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
"رحلة إلى بيت لحم"
Colette Bahna 2
كوليت بهنا
December 19, 2023
مشهد من الفيلم © AFFIRM Films, Inc.
كوليت بهنا -

في مثل هذه الأوقات، يحتفي العالم الغربي وبعض دول المشرق العربي بعيدي الميلاد ورأس السنة بحسب التقويم الغربي. وفي الواقع، عيد الميلاد هو اليوم الوحيد الذي يجمع العائلة ويخلق البهجة ويعيد لمّ شمل الأبناء إلى مائدة عشاء الأسرة المشترك، ولهذا السبب الوجداني المضاف للمعنى الديني، اكتسب دون غيره استثنائيته ومنحه جرعة مبالغة من الاحتفاء به عائلياً واجتماعياً وتجارياً وأيضا فنياً، حيث يحرص المسرح والسينما الغربيين على تقديم إنتاجات سنوية يعاد عبرها التذكير بمعاني الميلاد المجيد، أضف إلى اعتباره الموسم الأمثل لتحقيق أرباح خيالية.

أحدث هذه الانتاجات السينمائية التي أطلقت في العاشر من نوفمبر الفائت لتتزامن مع موسم العام، الفيلم الأميركي الذي يتوجه للعائلة (رحلة إلى بيت لحم) من إخراج آدام أنديرز وبطولة الممثلة الأميركية المكسيكية فيونا بالوما بدور مريم العذراء، إلى جانب النجم العالمي أنتوني بانديراس بدور الملك الروماني هيرودوس. وهو فيلم يعيد سرد قصة ميلاد الطفل يسوع مستنداً إلى النصوص الدينية، ومضيفاً إليها بصمته الخاصة المتمثلة بالحرية الإبداعية التي منحته توصيفه النقدي بإدراجه ضمن نوعية الفانتازيا السينمائية.

عن هذه الحرية الإبداعية التي ينوّه لها صنّاع الفيلم في خاتمته، يكمن اختلافه عما سبقه من الأفلام التي عالجت موضوعة الميلاد ذاتها، إذ ترجمت هذه الحرية في التصرف برسم الشخصيات المحورية، فشملت شخصية العذراء مريم التي نزعت عنها الهالة المبالغ بها للقدسية وقدمت بواقعية بوصفها ابنة بيئتها المحافظة، شابة جميلة ذات ملامح ولون بشرة شرقي، طموحة وذات شخصية مستقلة ومتميزة.

أما خطيبها يوسف المعروف في النصوص الدينية بعمله كنجار وأيضاً عرف بفارق السن بينه وبين مريم، يقدم هنا شاباً وسيماً بملامح شرقية، نبيل وشهم ويعمل كبائع للخضار والفاكهة. إضافة إلى شخصية الملاك جبريل الذي بشر العذراء باختيار الرب لها لتحمل المسيح المخلص، والذي سيقدم هنا ببشرة سمراء وشعر مصبوغ(عالموضة)، وشخصية حملت في أدائها نفحة من الكوميديا الخفيفة.

لم تتوقف هذه الحرية الإبداعية عند حدود الشخصيات فقط، بل شملت تضمين الغناء والموسيقا والرقص التي ستنخرط بها جميع شخصيات الفيلم في مقاطع(ميوزيكال) معتنى بكلماتها وأدائها وأيضا في تصميم بعضها الملائم للبيئة الشرقية مثل (الدبكة) وتخدم أهداف القصة. في المحصلة بدا هذا التصرف الفني في النسيج العام غير مؤذٍ لا لقداسة الشخصيات ولا حتى لقصة الميلاد بخطوطها العريضة، بل هدف برؤية عصرية نسبياً إلى تقريب حكاية الميلاد الدينية ورسالته من فكر الأجيال الجديدة، وبخاصة فئة الأطفال في الغرب.

فيما يبقى أفضل ماقدمه فيلم(رحلة إلى بيت لحم) هو تبسيطه لفكرة صراع السلطة بين ملكين، أولهما هيرودوس، الطاغية الجبار الذي يحكم شعبه بالقتل والتنكيل والاستبداد، ومعنى الطفل المخلص الذي سيلد ويتوج ملكاً كما قالت النبوءة، والتي ستدفع هيرودوس إلى قتل جميع الرضع الذكور في المملكة وملاحقة النساء الحوامل لقتلن قبل أن يلدن الملك الموعود الذي سينافسه على عرشه كما اعتقد، وكما جاء في النصوص الدينية، ليتبين أن الملك المنافس، الطفل المخلص يسوع المسيح الذي ولد في حظيرة، سيكون ملكاً للبسطاء والفقراء، شفيعاً للمرضى والحزانى، صديقاً للأطفال والأبرياء، وسيمتد ملكه الذي يؤسس على المحبة والرحمة والتسامح إلى يوم القيامة.

كل ماتقدم من إنتاج سينمائي وفعاليات واحتفاليات واستثمار مطلق لموسم الميلاد في العالم الغربي، والذي يتكرر بزخم كل عام منذ عشرات السنين، كان سيكون ذي معنى صادق لو اكترثت هذه الدول حقيقة لما يحدث على الأرض التي ولد بها صاحب العيد المحتفى به في بلادهم. فماذا يعني أن تعيد قصة الميلاد في صالة سينما أو فوق خشبة مسرح في برودواي وأنت تتجاهل القتل والدم والنار التي يتعرض لها في الوقت ذاته الأطفال على أرض يسوع الحقيقية؟ وماذا يعني أن تصلي ليسوع في الفاتيكان أو تتناول عشاء الميلاد الدافىء وأنت تغض الطرف عما يحدث من إبادة في فلسطين؟؟

قد يكون الشاعر الكبير نزار قباني أصدق من عبر عن هذه المفارقة حين كتب قبل خمسين عاماً: “يفكر السيد المسيح بالعودة إلى مسقط رأسه في بيت لحم، ولكنه يتذكر فجأة أن مدة جوازه قد انتهت، وأن السلطات اليهودية وضعت اسمه على قائمة الممنوعين من دخول فلسطين، وفرضت على أمه الإقامة الجبرية”. “كل أشجار السرو والصنوبر تضاء باسم السيد المسيح ولكنه لايستريح تحت واحدة منها. كل ديوك الحبش تذبح على اسمه وتحشى باللوز والزبيب على اسمه، لكنه لايستطيع أن يأكل قطعة منها”. “أيها المسيح العظيم، إني أعتذر لك باسم كل العواصم التي تأكل على حسابك وتشرب على حسابك وتسهر وترقص على حسابك”. (مقتبس بتصرف).

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.