skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
خريف الغضب الشرق أوسطي
Malik Athamneh3
مالك العثامنة
October 12, 2023
خارطة تظهر الشرق الأوسط (تعبيرية) Photo by Lara Jameson @pexels
مالك العثامنة -

في أيلول- سبتمبر من عام ٢٠٠٦، صرح أمين عام حزب الله اللبناني لجريدة الحياة ما نصه:

(..لو علمنا إن عملية الأسر ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعاً).

كان نصر الله حينها يعيش أوج مجده ونجوميته الشعبية في العالم العربي كله، كانت صوره تعلق على واجهات المحلات وزجاج السيارات، كان صوته المجتزأ من خطاباته “الثورية” يوضع كأصوات تنبيه على الهواتف المتنقلة وكان حينها البطل الذي انتصر على إسرائيل. حتى هو نفسه قام بتسمية حرب تموز بالنصر الإلهي!

في تموز، كان المعركة الشديدة وكاملة الأهلية الدموية بين حزب الله في الجنوب اللبناني وإسرائيل، بدأت بأسر حزب الله لجنديين “ثم قتلهما” من على خطوط التماس، لتبدأ عملية عسكرية واسعة النطاق في الجنوب اللبناني شملت اجتياحا إسرائيليا استمر لمدة شهر وأربعة أيام وقصفا متبادلا امتد حتى سهول الجليل ومرج ابن عامر والكرمل في العمق الاستيطاني الإسرائيلي  ، وحسمت نهايات الحرب قرارات الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار لننتهي بما رآه الجميع يومها “هزيمة لإسرائيل” ونصرا إلهيا حسب نصر الله، ونزوح تهجيري لأكثر من نصف مليون لبناني في داخل لبنان.

في تلك الأيام، فإن أي انتقاد لحسن نصر الله كان يرقى إلى مرتبة الخيانة تحت طائلة الشتم والسب وربما التهديد.

لم يطل الأمر كثيرا حتى عام ٢٠١١، حين اندلعت الثورة السورية ليصبح حسن نصر الله حائط الشتم المفضل عند غالبية العالم العربي، وقد تلاشى النصر الإلهي .

بينما في إسرائيل وبعد عشر سنوات من إخفاقه في حسم الحرب لصالح إسرائيل ، كان رئيس وزرائها إيهود أولمرت، في السجن محكوما بقضايا فساد مالي!

شخصيا، كنت ممن فرحوا لنصر الله الإلهي أيامها ومع المهللين هللت. لكنها الحياة التي تعلمنا كيف ننضج مع الخبرة والتجارب والمعرفة والإنسانية، النضج الذي أراه أنقذني اليوم لأراقب وأفكر وأتأمل بعقل بارد، فأضع يدي على قلبي خوفا من كل ما سيحدث بعد “انتصارات إلهية” متكررة لا تفنى ولا تنتهي لكنها تتشكل بصيغة جديدة كل مرة.

اليوم..هناك تفاصيل جوهرية مختلفة في الحرب مع إسرائيل، حماس تقتحم القلعة بسهولة وتضرب أكثر الأعصاب حساسية في الدولة منذ حرب أكتوبر ٧٣، وتخلي مستوطنات بكاملها من سكانها وتفرض الأمر الواقع الجديد. واقع يفرض معطياته التي تقلب طاولة كل المعطيات السابقة، ومن المدهش أن يتفاجأ الجميع بكل ما حدث..فالقراءة كانت واضحة منذ شكل نتنياهو حكومته الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، كانت حكومة متطرفة إلى حد خلق التطرف من حولها، حكومة حرب تدعو إلى حرب وتستقطب كل حرب ممكنة.

سنتفق بلا تردد أن السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، سيكون نقطة تحول مفصلية ليس تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وحسب، بل في كل التغيرات الإقليمية المحيطة بهذا الصراع الجوهري، وفيه سقطت خطة نتنياهو بتهميش القضية الفلسطينية ومحاولته وضعها في العربات الخلفية في قطار تسوياته الإقليمية، ما حدث وضع القضية في العربة الأولى، العربة التي تقود كل العربات خلفها.

سيكون هناك تسويات لكن بقواعد جديدة ومختلفة تماما عن “الوضع الراهن” الذي كان الجميع يحاول إدامته وإدارته.

إسرائيل الآن في حالة انتقام ما بعد الصدمة، وبذات الإدارة المتطرفة التي أنتجها ذات المزاج العام المتطرف نحو اليمين، لكن الأزمة تحولت إلى أزمة داخلية أيضا، تهز هذا المزاج العام بقوة، ورغم الدعوة المدفوعة بضغوط شعبية إلى إعادة احتلال غزة بالكامل، إلا أن الدولة في إسرائيل تدرك أنه لم يعد لجيشها “الاحتلالي” قدرة على تلك الحرب البرية، وهناك حسابات كلف باهظة لحرب مثل تلك خصوصا مع انكشاف الجبهة الشمالية وهي الأكثر خطورة، هذا كله يمكن قراءته بسهولة في جلسات الحكومة وتصريحات أركان الدولة في إسرائيل والتي حملت اتهامات متبادلة شديدة اللهجة بين الوزراء ( تصدع إدارة نتنياهو)، ومحاولة تحميل قيادات الجيش والأمن مسؤولية كل ما حدث، باختصار هو فقدان توازن السلطة في إسرائيل وتصدع مفهوم العقيدة العسكرية للجيش نفسه، عقيدة عسكرية كانت تحتكر قرارات توقيت الحروب والعمليات لتجد نفسها تحت المفاجأة التي كانت تتوهم امتلاكها، وهي ذات العقيدة التي كانت ترى جبهتها الداخلية متماسكة لتجدها في السابع من أكتوبر هشة وضعيفة، والأخطر في كل ما حدث فقدانها للتفوق السيبراني الذي تعرض لأكبر إهانة بضربات قامت بها تقنيات أقل جودة وتكلفة لكنها كانت فاعلة ومسيطرة ولو لساعات على كل المشهد.

كانت المستوطنات “عند اليمين خصوصا” حالة ضرورة تعكس رؤية صهيونية متزمتة تقول أن التواجد السكاني اليهودي هو الذي يرسم الحدود الأمنية للدولة، لكن امام عملية السابع من أكتوبر فإن التواجد السكاني – الاستيطاني اليهودي كان الخاصرة الأضعف للدولة، وهو ما يثبت أن حضور كل تلك الجزر الاستيطانية في مناطق “الاحتلال” ستكون في قادم الأيام العبء الأكثر ثقلا على إسرائيل، ولن نستغرب أن يكون تفكيكها مطلبا إسرائيليا في التسويات القادمة.

على الجانب الفلسطيني، هناك تغيرات نوعية لا تقل أهمية، فالسلطة الفلسطينية انتهت فعليا ونهائيا برموزها الحاكمة في رام الله، والتنسيق الأمني الذي كان دوما محددا بسياسات “ومزاج” نتنياهو وحكومته وأجهزته تفكك إلى الأبد، وليس سرا أن نتنياهو “واليمين الحاكم عموما” من أفقد السلطة قدرتها على السيطرة بسياسات عبثية قضت على أي أفق لسلام محتمل وممكن، بل ورفعت من قدرة حماس التنظيمية والعسكرية.

لقد كانت سياسات إسرائيل “التي وضعها نتنياهو وكل يمينه بما فيهم خصومه السياسيين” قائمة على إضعاف أي فرصة لحضور دولة فلسطينية وأي حلول سلمية وفي مسعاها لتحقيق ذلك كانت إسرائيل منشغلة بتأجيج الصراع بين حماس والسلطة، وتطلب ذلك تقوية حماس دوما في مواجهة السلطة وكل من فيها فخلقت إسرائيل عدوها الموازي بأقصى اليمين المتطرف أيضا.

عربيا وإقليميا، يمكن القول أن التطبيع فقد قيمته كورقة تفاوضية لأن إسرائيل فقدت قيمتها المعنوية كقوة إقليمية مسيطرة.

لكن أخطر ما في المعطيات الجديدة أن المستفيد الأول من كل ما حدث هو إيران، ومن بعيد يمكن ان نلمح “ونسمع” احتفالية انتصار في طهران وهو ما يغير قواعد اللعبة إلى حد كبير، ويضع طهران نفسها على شاشة الاستهداف المباشر، ولعل هذا يفسر التصريح “الغريب والمتناقض” لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن الذي أفاد أن لا دلائل على تورط إيران في مشهد السابع من أكتوبر رغم وجود علاقات قديمة بين حماس وإيران.

الأيام لا تزال حبلى بالجديد كما هي حبلى بالدم المسفوح قربانا لكل هذا اليمين المتطرف الذي يعصف بالشرق الأوسط، والإقليم كله اليوم على مفترق طرق، وتغييرات جذرية في كل القواعد.

ما شهدناه كان نتيجة احتلال طويل الأمد لن ينتج غير ذلك، ولن ينتهي إلا بنهاية الاحتلال نفسه، وهي عملية أكثر من شاقة اليوم وقد تلاشت الثقة بكل حلول الأمس.

القادم تسويات جديدة إما ان تكون على صيغة متاهات لم يعد أحد يصدقها، أو حلولا نهائية تصنع السلام العادل والشامل.

سلام عادل وشامل يتجاوز بلاغة الخطابات ، إلى واقع ملموس يطمئن فيه الجميع بالعدل وهو يشملهم بلا استثناء.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.