skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
حديث الهدنة
pexels-sabine-fischer-19052546
جودية سامي
November 25, 2023
تعبيرية
جودية سامي -

خلق الله الشرق الأوسط وقال ليكن أخبار عاجلة! ربما يكون الشرق الأوسط أكثر منطقة متقلبة تاريخياً، وصراعها الأطول في التاريخ الحديث؛ القضية الفلسطينية. مميزة هي لسبب آخر، كونها تستضيف أطول الاحتلالات المستمرة في العالم . ولعل طول أمد الاحتلال تسبب في تطبيع وجوده، وقبوله كواقع حال، وسقط بالتدريج من قائمة الأخبار العاجلة، حتى جاءت احداث ٧ اكتوبر، وأعادت القضية إلى واجهة الاخبار، وكأن الدماء التي سالت ضخت دماءاً جديدة في التضامن مع القضية، وأحيت من القبور أصوات المطالبين بالعدالة الدولية واحترام حقوق الإنسان، وكشفت فيما كشفت الوجه الحقيقي البشع لإسرائيل. ونصل بعد خمسين يوماً من العنف والدمار إلى الإعلان عن الهدنة، استراحة بين الشوطين ربما ليلتقط الجميع أنفاسه ويعيد ترتيب قواته، إحصاء القتلى والشهداء، والبكاء سريعاً قبل العودة إلى صراع البقاء.

هذا الاتفاق، ليس مجرد تهدئة مؤقتة للصراع المستمر، بل يُعتبر بمثابة نقطة تحول في الديناميكيات السياسية والعسكرية في المنطقة، ويكشف عن تغيرات مهمة في السياسة الإقليمية والدولية. الاتفاق على وقف إطلاق النار يُعتبر تحولاً استراتيجياً مهماً. من جهة أنه يُظهر إصرار ومرونة حماس في تحقيق أهدافها، ومن جهة أخرى، يُسلط الضوء على التحديات التي تواجه إسرائيل بفعل يدها. لقد تغيرت قواعد اللعبة، وأصبحت الحاجة إلى استراتيجيات جديدة واضحة لإسرائيل التي اعتمدت طوال عقود على أسطورة القوة التي لا تهزم، وعلى فلسفة في التعامل مع الجوار تقوم على مبدأ الفوقية والاستقواء، والضرب تحت الحزام. لا يجب إغفال الدور الذي لعبته قطر كوسيط ناجح، استحق بجدارة مقعده في قيادة الدبلوماسية الإقليمية في حل النزاعات. ولعل موقف الأردن الواضح بالامتناع عن إدانة حماس وتسليط الضوء على المعاناة المتصلة للشعب الفلسطيني قد أخجل بعض الدول العربية التي حاولت التمسك بموقفها الاعتذاري المتملق للولايات المتحدة والمجتمع الدولي الصلف.

التاريخ يُعلمنا أن الهدنات قد تكون بداية لتسويات طويلة الأمد. اتفاقية الهدنة في كوريا التي لا تزال قائمة منذ الخمسينات، اتفاقية كومبيين التي مهدت الطريق لمعاهدة ڤيرساي… والمثال الأقرب بنبوءة الشيخ إمام و أحمد فؤاد نجم؛ اتفاقات باريس للسلام التي مهدت على الرغم من التحديات لإنهاء الحرب الأمريكية في ڤيتنام، ربما بأسلوب حفظ ماء الوجه. “يا فلسطينية ڤيتنام عليكو البشارة”! على تعقيدات المسألة الفلسطينية الإسرائيلية، إلا أن الناموس الكوني يكرر الدرس مرة أخرى؛ الجبروت والطغيان قادمٌ إلى نهاية، بالسلام أو بغيره! ولعل أول تجليات انكسار الطاغوت هو الوعي الذي تشكل حول اسطورة الجيش الذي لا يهزم، العتاد الذي يتفتت أمام العقيدة، وصلابة الحق الذي تتكسر على صخرته أوهام حق الميلاد. ربما يحتم هذا الوعي على الكيان أن يراجع الكثير من أدبياته التي أضجرت دارسي العلوم السياسية عبر عقود بمناقضتها المنطق.

تواجه إسرائيل كذلك تحدياً كبيراً في فقدان المصداقية العالمية. فالأحداث الأخيرة سلطت الضوء، ليس فقط على الاستهداف المباشر للمدنيين خلال حرب غزة، بل على كل الانتهاكات المستمرة والمتواصلة منذ عقود، التي بدأت مع إنشاء “الدولة” على أشلاء الفلسطينيين، كل هذا عاد إلى الواجهة؛ إحلال الصهانية مكان الفلسطينيين، سرقة بيوتهم وآنيتهم وذكرياتهم، الاغتصاب والقتل والترهيب، تزوير التاريخ، سرقة الجثامين، التنكيل بالأطفال، الاعتقالات الإدارية، مصادرة المطر، تهويد الثقافة والهوية…. إلخ كله عاد حياً كأن أشلاء ضحايا الطنطورة قامت من حفرتها وجعلت تصرخ من حيفا ليصل صوتها إلى المسحورين بتعويذة الشعب المختار الضحية فيستيقظون! كذلك خدعة الأسماء انكشفت؛ فجيش الدفاع أظهر صورته الحقيقية كجيش الخيار الدموي، والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ظهرت بجلاء كنظام فصل عنصري دموي، يتفنن في تشييء الآخر، ثم إنهاء وجوده!

ما هي خيارات الكيان الآن؟؟ الهدنة القصيرة لن تكفي لتجميل الوجه الحقيقي القبيح الذي انكشف، وليست كافية بكل الأحوال لاستعادة ثقة الجنود المصابين بصدمات نفسية، بينما العائدون من المعارك يغذون رعب زملائهم عن الشبح الفلسطيني الذي يظهر من اللا مكان! ربما ستضيع الأيام الأربعة في محاولة احتواء قصص الرهائن العائدين، الذين لم يَشبحوا ويُعذبوا ويُغتصبوا ويُهانوا، بل تم الحفاظ على حياتهم وكرامتهم الإنسانية، بينما في المقابل تم إعادة إنتاج مسلسل أبوغريب بدقة عالية في مراكز التوقيف والمعتقلات الإسرائيلية. فأي ماء وجه سيحفظ هذا الكيان؟ وأي اعتبار سيسترد! أم هل سيطور محتوى كاذب جديد يقنع المحتجين في عواصم العالم بحسن نواياه؟ أم سيقدم أوراق اعتماد جديدة للمجتمع الدولي استجداءاً لمزيد من الدعم والشرعية؟ أربعة أيام ستمر سريعة على الغزيين، بالكاد تكفي لدفن الشهداء، تضميد الجرحى تفقد الجيران والأحبة، البحث عن نقطة لشحن الهاتف وتطمين الأهل، أو البحث عن مأوى آمن، وإسعاد الصغار الذين عاشوا رعباً حياً بشكل يومي. ستكون الأيام الأربعة بطيئة على كل جندي احتياطي إسرائيلي ينتظر الاستدعاء ويرجو أن يسقط إسمه من كشف المنسبين للمشاركة في عملية السيوف الحديدية، طويلة كذلك على كل مستوطن مسعور يرى الطيور في سماء غزة بدل الزنانات، وأبطأ على كل إسرائيلي يتساءل عن حجم الخسارة التي تنتظره تكفيراً لذنوب أجداده! يتساءل عن حجم الخطر الذي تمثله صينية الحلوى في منزل أسيره؟ وهل حقاً يجب أن يكون جيشه ودولته بهذه السخافة؟ أتساءل أخيراً كيف سينام الأسرى المحررون الليلة؟ وكم من الوقت ستراقبهم أمهاتهم وهم نائمون، وكم من الأحلام المؤجلة سيحققون قبل اعتقال آخر. حماس انتصرت في ٧ أكتوبر، وما زالت، رغم الدم والألم… تنتصر، هذه الحقيقة التي يتحتم على الكيان الانطلاق منها في الاربعة أيام القادمة وما يليها. ستتوالى الأخبار العاجلة في هذا الشرق المأزوم، وعلَّ من بين الأخبار… المزيد من أحاديث البشارة بتحقيق عدل مؤجل وقيامة سلام موؤود.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.