إقرأ أيضاً
ماذا لو لم يوجد أصلا الصبر الإستراتيجي الأمريكي حيال إيران؟ عندها سيحتاج الخيال السياسي الأمريكي إلى جرعة من الأدرينالين.
مع ذلك سنجد شيئًا من الإجابة على هذا التساؤل في كلام الرئيس السابق “وقد يكون القادم”! دونالد ترامب بعد قصف ميليشيات ولائية لموقع عسكري أمريكي على الحدود الأردنية السورية، عندما وصف الهجوم بأنه “نتيجة لضعف جو بايدن واستسلامه أمام إيران”.
لذلك يمكن أن نجد تعريفًا أمريكيا لمفهوم الصبر الاستراتيجي عندما يتعلق الأمر بإيران، ليصبح تهاونًا وتخادمًا بين إدارة الرئيس جو باين مع طهران لاستمرار ابتزاز دول المنطقة!
لكن، ماذا لو لم تمتلك إدارة بايدن أصلا مثل ذلك الصبر السياسي المفيد، مع إيران؟ سيجيب على ذلك ما تسمية وسائل الإعلام الأمريكية “الحديث المنضبط المتبادل بين طهران وواشنطن بعد مقتل الجنود الأمريكيين في الأردن”.
صحيح أن مزيج الضغوط السياسية والحسابات العسكرية والهشاشة الإقليمية تختلف مع استمرار حرب الإبادة اللاخلاقية لإسرائيل على غزة، وأن كل المؤشرات السياسية تشير إلى أن إيران لا ترغب في الانخراط بشكل مباشر في حرب غزة وفي مواجهة مع واشنطن أيضًا. لكن أيضا، دعوة معاقبة إيران تتمتع بجاذبية سياسية لا يمكن إنكارها وخصوصًا من شعوب دول عربية تعاني من “احتلال سياسي من قبل أحزاب وميليشيات إيران”، ومع بداية عام انتخابي رئاسي، إذ لم يكن أحد أكثر صخبًا من ترامب، الذي لم يذكر هواجسه بشأن قتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وتصعيد الصراع عندما كان في منصبه.
يعترف مساعدو بايدن بأن كل ما كانوا يفعلونه حتى الآن من أجل “استعادة الردع”، باستخدام العبارة العسكرية التي تصف جهودهم، قد فشل في تحقيق الهدف.
كانت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما ترد على الذين يبحثون عن مواقف لا هوادة فيها أو مذاهب نهائية مع إيران، أن يبحثوا في مكان آخر. أما في البيت الأبيض فلا شي يوجد من ذلك، هكذا سلمت تلك الإدارة العراق إلى ميليشيات إيران من دون ضمير سياسي على الأقل للتكفير عن خطيئة تاريخية ارتكبتها الولايات المتحدة باحتلال العراق وتدمير مفهوم الدولة فيه.
كانت تتذرع إدارة أوباما، واستمرت نفس الذريعة عن إدارة بايدن، بطريقة نحن نتعامل مع عملنا المتعلق بإيران بشكل مختلف عن تقارير القنوات الإخبارية أو حتى بعض كتاب الأعمدة في الصحف الأمريكية. “كان جورج بوش ينصح نوري المالكي ألا يطلب من مساعديه أن يترجموا له ما يكتب في الصحف الأمريكية فهي لا تفيد طريقة تفكيره السطحي”!
ماذا إذن عن سياسية التهاون والتخادم الأمريكي مع إيران؟
سنجد نوعًا من الإجابة في كلام جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي بقوله إن بايدن يدرس الخيارات (….)، مؤكدا أن الولايات المتحدة لا تريد “حربًا أوسع” مع إيران! ذلك ما يدفعنا إلى تفسير مقتل الجنود الأمريكيين الثلاثة بأنه أشبه بخطأ ميليشياوي إيراني في تقدير حدود قواعد الاشتباك المتفق عليها مع واشنطن.
مع ذلك، يبدو أن النهج الذي تتبعه واشنطن مع سياسية إيران في الهيمنة على المنطقة قد فشل، بينما لايرى حلفاء واشنطن من دول الخليج العربي، بما فيهم السعودية التي وقعت اتفاق بكين مع طهران، أن الحرب على إيران تحل مشاكل المنطقة.
يقول جيمس جي. ستافريديس، الأميرال البحري المتقاعد “لا توجد خيارات جيدة، لكن مقتل وجرح العديد من القوات الأمريكية والقوات الخاصة يتطلب ردا قويًا”.
ولدينا كلام ساند لتقدير جيمس، من النائب الجمهوري مايك روجرز، الذي يرأس لجنة الرقابة العسكرية الأمريكية في مجلس النواب، الذي قال “مر وقت طويل بالفعل، فليقم الرئيس بايدن أخيرا بمحاسبة النظام الإيراني الإرهابي وحلفائه المتطرفين على الهجمات التي نفذوها”.
بيد أن النائب الديمقراطي سيث مولتون، يثبط من دعوات الجمهوريين لمعاقبة ميليشيات إيران عندما وصف الردع بالصعب والحرب أسوأ.
وقال مولتون “إلى الصقور الجبناء الذين يدعون إلى الحرب مع إيران، أفعالكم تصب في صالح العدو وأود أن أراكم ترسلون أبناؤكم وبناتكم للقتال… يجب أن يكون لدينا رد فعل استراتيجي فعال وفقا لشروطنا وجدولنا الزمني”.
مع أنه ليس من الواضح ما ينبغي أن يكون عليه الرد الأمريكي على مقتل الجنود الثلاثة على الحدود السورية الأردنية، لأنه من الصعب معرفة نوعية رد على حرب بالوكالة تنفذها ميليشيات إيران الموزعة في المنطقة. ووفق كل الأحول، سواء حصل الرد الأمريكي أم لا، فإن الخيال السياسي الأمريكي يحتاج إلى جرعة من الأدرينالين، عندما يتعلق الأمر بنظام ثيوقراطي متخلف يقف على رأسه المرشد الإيراني علي خامنئي، ويحرك الميليشيات الطائفية في دول المنطقة لتعبث بمصير شعوب المنطقة.
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.