إقرأ أيضاً
الهجمات المحدودة التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا حتى الآن على أهداف عسكرية في اليمن هي مجرد رسالة للحوثيين، كما تقول إدارة بايدن، والهدف منها هو إفهامهم بأن مهاجمتهم للسفن وتهديد حركة الملاحة والتجارة في البحر الأحمر ليست مقبولة ولن تمر من دون عقاب، وأن أي تصعيد من جانبهم سوف يقابله تصعيد من تحالف “حارس الازدهار”..
والسؤال هو: هل فهم الحوثيون الرسالة؟ أو هل يمكنهم أن يفهموها على النحو الذي ترغب فيه واشنطن مثلا؟
لا أعتقد ذلك. فالتهديد والوعيد الذي أطلقوه يؤكد أنهم غير معنيين بالرسائل التي تبعثها واشنطن ولندن، بل ويظهر أنهم يتطلعون إلى هذا النوع من القتال والمعارك، كي تتعاظم شوكتهم ويقوى موقفهم في المنطقة!
يقول القيادي الحوثي عبد القادر المرتضى في تغريدة على إكس “الحمدلله الذي شرفنا بالوقوف مع إخواننا المظلومين في غزة، وشاركناهم حتى في تلقي الغارات. الآن نستطيع أن نطمئن على ديننا وقيمنا ومبادئنا، وإلا ماذا كنا سنقول لله و لرسوله يوم القيامة.؟؟!!”.
ويضيف “يشرفنا أن يشن علينا عدوان ثلاثي أمريكي إسرائيلي بريطاني في يوم جمعة رجب وهو اليوم الذي دخل فيه أهل اليمن إلى الاسلام، ومن أجل فلسطين، لكي نربط الماضي بالحاضر، وننطلق لمواجهة هذا العدوان، ورفع راية الإسلام من جديد”.
وما يقوله المرتضى يتكرر صداه وإن بأشكال مختلفة على ألسنة العديد من قادة جماعة الحوثي وأنصارهم.
ولا يستبعد أن يرد المسلحون الحوثيون بمهاجمة أهداف أو مصالح أميركية أو أوروبية في المنطقة، بالصواريخ والمسيرات وربما عبر خلاياهم النائمة.
ومهما ردت الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها بقصف أهداف عسكرية للحوثيين في اليمن فإن ذلك لن يثنيهم عن تحركاتهم ولن يردعهم كلية.
ربما ينجح القصف في تقليص قدراتهم العسكرية وربما يجعلهم أكثر حذرا لكن من المستبعد أن يقضي عليهم أو ينجح في تغيير سلوكياتهم.
وثمة من المحللين من يرى ببساطة أنه ليس هناك ما يستحق القصف في اليمن، وأن بنك الأهداف الأميركي أو البريطاني سرعان ما سينفد، الأمر الذي سيضطرهما عاجلا أو آجلا إلى اتخاذ إجراءات أكثر كلفة من الناحية العسكرية والبشرية.
أيا يكن الحال، وشخصيا أعتقد أن قصف الأهداف العسكرية المتعلقة بالصواريخ أو المسيرات بالتأكيد سيكون له تأثيره على قدرات الحوثيين العسكرية، لكنه لن يغير من المعادلة القائمة.
ولعل تجربة السعودية ودول الخليج في محاربة الحوثيين منذ عام 2015
ورغم ضخامة الحملة العسكرية التي شنت ضدهم ومن ثم فشلها في إخراجهم من السلطة، تعطينا مؤشرا على النتيجة التي سوف تنتهي إليها هذه الحملة العسكرية.
الذي يمكنه أن ينجح في مواجهة الحوثيين جملة من الإجراءات، أهمها:
أولا، إعادة الحوثيين إلى قائمة المنظمات الإرهابية واعتقال وطرد أنصارهم ومموليهم والجماعات التابعة لهم في الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
ثانيا، تجفيف منابع التمويل واستهداف شبكاتهم حول العالم وفرض عقوبات عليهم وحرمانهم من أية مزايا أو منافع مالية.
ثالثا، وهو الأهم، أنه بدلا من قصف أهداف عسكرية هنا وهناك أو استهداف بعض المسلحين التابعين للحوثي، يتعين التركيز على استهداف قادة الجماعة وإجبارهم على العيش تحت الأرض إن هم أرادوا النجاة بجلودهم، بالضبط كما يحدث مع قادة تنظيمي داعش والقاعدة وغيرهم من التنظيمات الإرهابية.
إن حرمان هؤلاء من قدرتهم على مماسة حياتهم الطبيعية بما في ذلك إدارة شؤون الحكم وجعل جل نشاطهم منحصرا في كيفية حماية أنفسهم وتفادي الاعتقال أو القتل، يمثل أكبر عامل ردع في التعامل مع التنظيمات الإرهابية.
وعلى سبيل المثال لم تتمكن إسرائيل من إجبار حركة حماس في التسعينات وبداية الألفين على التخلي عن العمليات الانتحارية إلا بعد تهديد قادة الحركة مباشرة ومن ثم استهدافهم.
حتى ذلك الوقت كانت إسرائيل بعد كل عملية انتحارية تقصف مواقع عسكرية أو مسلحين من الصف الثاني أو الثالث، من دون جدوى.
للأسف فإن هذا هو الحل الوحيد الذي تفهمه المنظمات الإرهابية، والجماعة الحوثية واحدة منها، وخلاف ذلك فإنها تواصل التضحية بالمئات والآلاف من المواطنين العاديين من دون الاكتراث بمصائرهم.
لذلك فإن المواجهة يجب أن تكون مع قيادات هذه الجماعات فهم من يجب أن يدفع ثمن الممارسات التي يقومون بها.
واذا أصبح هؤلاء على يقين بأنهم من سوف يدفع الثمن، أنا واثق أنهم سوف يتوقفون عن قيامهم بالأعمال الإرهابية أو على الأقل سوف يفكرون مرتين قبل القيام بأي عمل يخططون له.
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.