skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
الكوكب الذي حاز اسمه بعد وفاته
WhatsApp Image 2023-11-15 at 12.20.02
محمد عبد الجواد
November 20, 2023
صورة متوقعة للفيلسوف الكندي
محمد عبد الجواد -

شغلني كثيرًا أمر مذُنب هالي، وذلك لأسباب خاصة تتعلق بما كُتب عن النحس الخاص القرين به، حيث يترافق ظهوره بعدة كوارث تحدث في الأرض، ما بين الحرائق والأوبئة والحروب وانهيار الممالك والعروش، وكان فيلسوف العرب، يعقوب بن اسحق الكندي، من أوائل الذين سجلوا ظهوره في كتاب بديع أسماه <<كتاب فيما رصد من الأثر العظيم في سنة اثنتين وعشرين ومائتين للهجرة>>وهو الكتاب الذي فقدت أجزاء كثيرة منه، ولكن حفظ المؤرخ عبد الله المقدسي بعضًا منها، فذكر فيها الكندي ظهور كوكب دائري متوهج، يشبه القمر، له ذؤابة كبيرة، تنتقل من الشرق إلى الغرب، وقد حلل الكندي طبيعة المذنب وابتعد عن نظرية أمه جرم فلكي بعيد، وإنما جزء من غلاف الأرض الجوي، ولم يقرنه بالكوارث التي تُقال حوله أثناء وصفه العلمي الدقيق هذا، وهو ما ظهر أيضًا بكتاب النيازك لأرسطاليس، والذي ألفه كاتب مجهول، وذكر فيه جزء من رسالة الكندي في الكوكب ذو الذنب”مذنب هالي قبل أن يعطيه العالم  الانجليزي إدموند هالي اسمه، ولكن مجموعة من الباحثين المحترمين من عدة معاهد بكندا وانجلترا، وجدوا المخطوط الأصلي لرسالة الكندي نفسها، ووجدوا أنها مأخوذة كما هي في كتاب النيازك لأرسطاليس، فخمنوا أن الكندي قد كتب هذا الكتاب بنفسه، ليعطي تفسيرًا خاصًا بما كتبه أرسطاليس قبل قرون، بعد الترجمة من اليونانية، وذلك حتى يكون نظرة عامة على المذنب، تكمل رصده الخاص لظهوره عام ٢٢٢ هجرية، بما فيه من تكرار متعب للرقم اثنين، والذي يحمل دلالة خاصًة عند بعض الطوائف المؤمنة بقوة الرقم، حيث يعد بعضهم الرقم اثنين  رقمًا شيطانيًا حقيقيًا، لأنه يتعارض مع وحدة الخالق سبحانه وتعالى، لأن التوحيد يؤكد أن الله واحد، لا ثانِ له، ولا يقُال مثلاً أنه واحد لا رابع له، لأن نفي وجود الثاني، ينفي وجود التكرار إلى ما لانهاية، بينما الاعتراف بالرقم اثنين يعطي فسحة للتفكير في الأرقام الأخرى، وقد قيل حينها بأن الرقم صفر نفسه هو الرقم الأكثر قداسة لأنه ينفي كل الأرقام الأخرى، فهو عدم خاص، ويمكن أن يوصف به الجوهر الالهي الذي لم يلد ولم يولد ولكن يكن له كفؤًا (أحد)، ولذلك فالأرقام تخص الأرض وحدها، دونًا عن باقي الكون، ومع أنني لا أهتم هنا بتوثيق نظرية أن الأعوام المُثناة في التاريخ أعوام دمار وقلق، لأنها تواجه الواحد، أتجاوز موضوع العام نفسه، إلى كتاب آخر، شديد التفرد، كتبه عالم مجهول، اسمه الرصد الخاص بعلامة الوجود، ويعتقد الباحثين الذين أثبتوا أن الكندي قد كتب كتاب النيازك ملحقًا برسالته التي ضاعت، ولكنها كانت معقدة بالشكل الكافي لنكتشف معها انتقال الكوكب ذو الذؤابة بين الأبراج، مع رصد دقيق لمظهره البراق، وتحوله إلى ما يشبه سحابة في بعض الأيام، فالكتاب الثاني، غريب المسمى، يرصد فلسفة ظهور المذنب نفسه، وفقًا لتأثره بفلسفة أرسطو الخاصة بوحدة الله سبحانه وتعالى، التي تتعالى عن المادة، في ضوء الأفلاطونية الحديثة، ولأنه كان صاحب كتب كثيرة متخصصة في دراسة تأثير الأفلاك، التي اعتبرها كيانات عاقلة تسبح لله  وهي <<<كُلٌّ فِي فَلَكٍ>>  يسبحون، في نظرية الفلك الدائري التي لانهاية لها حيث أن كلمة كل، تبدأ بها الجملة، وتنتهي أيضًا في آخر حرفين من كلمة فلك، والتي يمكن أن تُقرأ من الخلف للأمام والعكس، وهو ما استند عليه ليثبت أن الكون كله، والأرض التي نحيا عليها، يمكن أن نقرأ شفراتها بالطريقة نفسها-كان  رائدًا في علم فك الشيفرات وكتابتها واللعب بالأحرف والأرقام- ولذلك فإن الكتاب؛ الرصد الخاص  بعلامة الوجود، كتبه بطريقة معقدة يمكن معها أن تقُرأ بعض الجمل بنفس الطريقة التي تنزاح إلى الخلف، مثلما يفعل المذنب هالي بالضبط، عندما يقع في القوس، ثم ينزاح إلى الميزان، أو يقع في العذراء وينزاح إلى السرطان، والكتاب الفريد، الذي وجد في مقتنيات بعض باعة الكتب التي سرُقت في بغداد بفترة الغزو الأمريكي عام ٢٠٠٣، يذكر المذنب كجرم مرتبط بالأرض، كما ذكر الكندي في رسالته المفقودة، ويحلل ذلك بأن الأرض نفسها كانت كتلة بلا حرارة، وفقًا لبعض نظريات أرسطو، واجتهادات الكندي الفلكية، وظلت هكذا بلا نفع ولا مظهر طوال قرون سماوية-أي قرون تتعدى حسابات الزمن العادي في الأرض- حتى أراد الله بمشيئته أن يحرك الأفلاك لتصير الأرض أرضًا جاهزة لخليفته، وكان ذلك عن طريق اصطدام حتمي، تنشأ معه الحركة؛ وقد استفاض الكندي في الكتاب بشرح أهمية الاصطدام، الذي هو سنة الكون، في دفع الحضارة والحياة، لأن الانسان بطبعه يركن إلى الحياة كما هي، ولا يغير أو يتغير سوى عندما يتم دفعه، وهو مصداقًا لقوله تعالى: فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا یَشَاۤءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [البقرة ٢٥١] وهو الدفع الكافي لاعمار الأرض، فالحروب تحرك المشاعر وتوقد نار التضحية، والأنبياء وقود الشعوب لاصلاح ما فيهم، والمرض دافع إلى اكتشاف الدواء، والموت، الدافع الأكبر للانسان من أجل تقدير الحياة وترك ما ينفع في الأرض.

وهي كلها أشياء تعود لطبيعة الأرض الأساسية، والتي احتاجت دفعًا خاصًا بمؤثر خارجي، ويفند الكندي هنا تلك الوسائل استنادًا للفلسفة الأرسطية وكتابات علماء الصين في الفلك وكتابات الفقهاء الفلكيين، فيؤكد أن الله قد أراد دائمًا أن تتحق ارادته بجنوده في الكون، وذلك حتى تتحق عدالته كاملة، فبكُن يتحرك الدافع ويكون المراد، ولن يصلح اصطدام كوكب بكوكب الأرض لأن في ذلك نهاية لها، حيث أنه دفع يؤدي لدمار شامل، وهو يناسب يوم القيامة عندما تصطدم الكواكب ببعضها البعض- لذلك فالدفع دائمًا محسوب وبه الكثير من الرحمة وهو ما يتجلى في قصة الخضر وموسى عليه السلام حيث كان يدفع بهدوء لتحقيق المراد- واصطدام نجم محترق بالأرض، سيحرقها تمامًا، وهو ما ستقوم به الشمس لاحقًا عندما تنصهر الموجودات لصالح وجود رب الوجود، ولن تهتز الأرض من جراء نفسها، لأنها عنصر معتم بلا حركة-كما يظهر من فحوصات الصخور في بعض مواضعها ببلاد الاسلام في كازخستان- وانما يلزم ذلك جندي من جنود الله؛ جسد محترق، أصغر من أن يودي بالحياة، وكافٍ لتحريك الأرض وخلق الحريق الخاص الداخلي بها الذي يدفع لظهور العناصر وتكون البحار ومياه الحياة وظهور الحيوان والانسان والنبات، وهو ما أسماه الكندي بالكواكب ذات الذؤابات أو الأذناب أو المذنبات، واعتبرها نوع خاص من الأجساد الباردة حتمًا- بالفعل تم التأكيد علميًا، في زمننا، بأن المذنبات غازات مجمدة وصخور وغبار تلتهب في وجود الشمس- تسبح في الفضاء لحفظ نظام الدفع الأساسي، وعندما تقترب من نجوم كبيرة تسخن، ثم يجوز حينها اصطدامها بكواكب بعينها، وفي هذا فقد اصطدم أحد هذه المذنبات بكوكب الأرض، وقت ظلامه القديم، فدفعها إلى الاهتزاز والاشتعال الخفيف، فظهر الوجود بعدها منبثقًا على هيئة بحار مالحة ومياه، وكان هذا إيذانًا بتحولها لكوكب مليء بالعناصر اللازمة للحياة، فكل ما في الأرض قد استمدته من مصدر خارجي، ولذلك فإن الكوكب ذو الذؤابة هذا، سببًا حقيقيًا لوجود الأرض كما نعرفها، ولأن الطبيعة تحاكي الماضي دائمًا، ذكر الكندي أن هذه الحركة تشبه كثيرًا مراحل التخصيب الطبيعية التي تنتمي إلى عملية الدفع نفسها، فالحيوان المنوي، في هيئته التي تكُشف أسفل الفحص، عبارة عن كرة مثل الكوكب، خلفها ذنب مثل ذنب المذنب، يضرب البويضة التي تشبه الأرض، فيتم التخصيب، ولذلك، مع دمج النظرية الفلسفية الأدبية هذه بعلم  الفلك كما كان يحدث في هذه الأزمنة، توصل الكندي إلى نظرية شفيقة ورقيقة، تضع الأرض في حيز الزوجة الشرعية للمذنب الحزين الوحيد، الذي يظهر، كما حدد من خلال السجلات، كل خمس وسبعين عامًا، يدور حولها مثل حيوان منوي، ثم يرحل بعد إلقاء نظرة، ويحدد أن ذلك يتبعه الكثير من التغيرات في طبيعة الأرض في عام ظهور المذنب-وأحيانًا في الأعوام الثلاث التالية-فتحصل اهتزازات وحرائق وأمراض، وهي شرور بها رحمة من الله، لأن حركة الأرض هذه ضمان بتجددها، ولأن الكندي لم يترك شيئًا للخيال، حدد فكرة حياة المذنب بعد اصطدامه والذي يمكن أن يفنيه في جسد الأرض بأن لقطة ظهوره نفسها، ما هي إلا تكرار لصورة ظهوره الأولى قبل الحياة، وأنه لم يعد موجودًا الآن، وانما يلوح من الماضي، ويتحرك، فنراه جميعًا، ووحدها الأرض تهتز شوقًا للوصال، وهو ما ينتهي أيضًا إلى الحديث بأن كل ما نراه حولنا في صفحة السماء العليا ما هو إلا ماضي تم منذ قرون سماوية، بينما نحيا في زمن حاضر انتهي في علم الله منذ البداية، وبعيدًا عن هذه الفكرة البديعة التي لا تخلو من إرباك ، صرت أكثر حبًا للمذنب هالي الوحيد، الذي حاز اسمه بعد وفاته بملايين السنين.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.