إقرأ أيضاً
بجدية لابد لنا من ان نواجه اهم مخاوفنا وهي في ان نُحكم ونفوض الذكاء الصنعي في تراثنا العربي من اول ما وصلنا من ذاك التراث من زمن الجاهلية الى تاريخنا اليوم.
تراثنا العربي وضمنا الاسلامي منه محدود، وليس بكثير كما نعتقد، اما ما كتبناه واختلفنا فيه عنه فهو القسم الاكبر منه..
الذكاء الصنعي قد لا يكون حيادي اذا تم تلقينه فقط جزء من التراث العربي و ما نتج عنه من تفسير و مراكبة لليوم، نعم عندها سننتج ذكاء صنعي متخصص في مذهب او اتجاه.. وهذا سيحدث حتماً، فالتيارات الدينية اسرع من غيرها في ركوب التكنولوجيا.. شهدنا ذلك من ثورة الكاسيت الى الانترنت.. فهم احتلوا حصة كبيرة من المساحة الرقمية العربية.
لكن هناك من سيعمل بالتأكيد على إطلاق الذكاء الصنعي باقل ما يمكن من تدريب توجيهي والذي من الممكن ان يؤثر على اليات تنميط الذكاء الصنعي لأشكال المحتوى، و يسمح للذكاء الصنعي ان يهضم هذا المحتوى من الجاهلية الى احدث ما نشرناه من محتوى على الانترنت، وننتظر جميعنا عملية التدريب الذاتية او ما ندعوه self-attention والتي تتيح للذكاء الصنعي كما البشر التعلم بدون تدخل من طرفنا!
وهنا يجب ان نخاف النتائج، الذكاء الصنعي سيفهم اللغة العربية اولا، وسيستطيع كما نتوقع تمييز تطور مفرداتها من الجاهلية الى تاريخه، وسيفهم الشعر الجاهلي ونمط كل شاعر، ولكنه سيكتشف سريعا ربما ان معظم هذا الشعر. ليس جاهليا.. بل عباسياً مثلاً لان مفرداته لا تتطابق مع نمذجة اللغة العربية في الجاهلية وانما في العباسية، وسيكتشف ربما من ساهم بهذا التزوير التاريخي، فهو حتماً سيطابق نمط اللغة مع كل الشعراء في المراحل العربية اللاحقة..
ومن معادلات اللغة المرتبطة بزمانها سيكتشف عدم تطابق اللغة مع الراوي مع الزمن، وربما يكشف لنا توقعه من هم فعلا الرواة وبأي زمن.
وسيكشف الروايات الاسلامية وتسلسلها وزمنها ولغتها ومرجعياتها وربما يكشف رياضيا استحالة ان يكون من نسب له فضل كتابتها، وحتما سيصل الى الخلاف الاسلامي الاكبر الذي انطلق من حادثة الغدير الشهيرة والى تاريخه، ولن يغرق في تفاسير يقدر ما سينمط رياضيا ما حدث.. بالنسبة له كل ذلك مصفوفات من الارقام والروابط والتي تؤدي الى نماذج.. ونتائج، وعندها ماذا؟ اي رواية سيعطيها ثقل رقمي اكبر، هل نحن مستعدون؟ هل سنشكك بما قرأه والمتوفر على الانترنت، وهل نبدأ صراع اخر على نطاقات البيانات Datasets التي قدمت اليه لوصل الى هذا القرار او ذاك، ونبدأ بمحاكمات تفتيش اتهامية جديدة حول مالم يتم وضعه امام الذكاء الصنعي من Datasets و نتبارى في تعديل رأي الذكاء الصنعي عبر التدريب الاضافي المركز Fine tuning. وذلك لنضمه لصفوفنا.
لكن المشكلة التي ستواجهنا ان الذكاء الصنعي الذي قرأ كل النتاج العربي منذ ظهوره قرأ ايضاً عن اصحاب الرأي المخالف والرافض والمدقق، وسينتبه الى ما نبهونا اليه ورفضناه لما هدده عندنا من ثوابت مبنية على مبدأ (هكذا وجدنا اباءنا واجدادنا)، الذكاء الصنعي سيأخذ ملاحظاتهم وتحليلاتهم، وسيطابقها مع ما وصلت اليه معادلاته ومصفوفات مؤشراته… والمتوقع ان لا يسرنا ما سيصل اليه .
ويا ويلنا إذا أخبرنا الذكاء الصنعي من استخدم اسم الصحابة والأئمة ليخاطبنا متخفيا باسمهم..
لم افترض هنا اننا أدرجنا الى مراجع التعليم للذكاء الصنعي بالإضافة الى التراث العربي كل ما وصل الينا من تراث نبطي ويمني وارامي وسرياني وعبري، و أوغاريتي ، بابلي و لغات عربية قديمة اخرى. وهي لغات شقيقة للعربية ونطلب منه ان يقارنها بما اخذناه منها ولم ننسبه اليها… هنا اظن سنترحم على ايام اختلفنا فيه على مذهب هنا ومذهب هناك.
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.