skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
الأردن.. ولحظة الحقيقة
Malik Athamneh3
مالك العثامنة
February 13, 2024
العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين@Anadolu via Getty Images
مالك العثامنة -

قبل سنوات طويلة وفي سياق زيارة ملكية للعاهل الأردني عبدالله الثاني إلى واشنطن في عهد إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الإبن، خرجت صحيفة أردنية بمانشيت عريض على صفحتها الأولى بما مفاده: ( زيارة الملك إلى واشنطن كانت ناجحة جدا جدا جدا)!!

كان العنوان مخالفا لكل قواعد المهنة موضوعا وشكلا، والمبالغة في استخدام صيغة المبالغة  “جدا” وضع المهنية في مهب السخرية وقتها.

صيف عام ٢٠٢١، كان الملك الأردني على موعد زيارة استشرافية أولى لإدارة بايدن الجديدة وقتها، وكانت الصور – كما الأخبار الواردة- عن الزيارة ذلك الصيف تعكس نجاحها الذي حملته الصور نفسها، وكانت ملامح الملك الأردني -برفقة ولي عهده الأمير حسين – مرتاحة لكل ما قيل وتم طرحه على طاولات المباحثات المتعددة التي تجاوزت المكتب البيضاوي في البيت الأبيض إلى أروقة ومكاتب متعددة ضمن محاور ومستويات متعددة من الاجتماعات.

حينها كان الملك يحمل ما يشبه التفويض العربي أمام واشنطن فتحدث عن الإقليم والمتغيرات فيه بثقة واضحة وطرح القضية اللبنانية ضمن مشروع خطة إنقاذ “مدروسة مع باريس” تتطلب تجاوزا عن “قانون قيصر” ويتطلب – بالضرورة-تعاونا مع دمشق ينقذها من قسوة الحصار وهو ما استنكفت عنه دمشق فيما بعد، باختصار: كان الملك الأردني يحمل الملف الإقليمي بأزماته مع حلول مقترحة وكان البيت الأبيض يستقبله بدفء بالغ بعد سنوات إدارة ترمب “العجاف”.

تكررت الزيارات إلى واشنطن بلا أزمات حتى وقعت أحداث السابع من أكتوبر ليجد الإقليم ( والقوى الدولية) واقعا جديدا مختلفا غير كل الحسابات الإقليمية والدولية.

انزاح الأردن رسميا إلى الموقف المضاد للحرب التي قررها اليمين الإسرائيلي على غزة، وانزاح الموقف الأردني أكثر إلى الهجوم السياسي والتصعيد الدبلوماسي شديد اللهجة وعلى كل المستويات بعد مجزرة المستشفى المعمداني.

كان الخطاب الأردني الذي حمله رأس الدولة في زياراته المكوكية الأوروبية السريعة والمكثفة وبعد ذلك في قمة القاهرة قائما على أساس واحد وهو وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية. وحمل الخطاب أيضا رفضا قاطعا لأي مخطط تهجير سكاني للقطاع خارج حدود غزة، وهو مخطط لم تخفه الحكومة الإسرائيلية وتحدثت عنه علنا عبر مسؤوليها المتطرفين من اليمين الديني والقومي، بل وحمل وزير الخارجية الأمريكي بلينكن تلك الفكرة في أول زياراته للمنطقة وعرضها على وزراء الخارجية العرب في عمان وباقي العواصم العربية.

(مشهد):

تقول الرواية التي وصلتني من مصدر مطلع في العاصمة الأردنية أن بلينكن في زيارة للعاصمة الأردنية أجراها في نوفمبر من العام الماضي وأثناء لقائه الملك الأردني في القصر، تحدث من جديد ومكررا عن ضرورة ترحيل السكان من القطاع لحمايتهم من الحرب على الإرهاب – حسب قوله- مستطردا أن الترحيل مؤقت وسيكون لوقت بسيط لا يتجاوز أسابيع. فجاءه الرد في ذات اللقاء أن الأردن مستعد لترتيب جولة سريعة للوزير الأمريكي فورا بعد خروجه من القصر لزيارة مخيمات فلسطينية منتشرة في الأردن كانوا قد سمعوا عام١٩٤٨ وكذلك عام ١٩٦٧ ذات الوعود عن “ترحيل” مؤقت ووعد بالعودة بعد أسابيع!

بقي الموقف الأردني ثابتا عند ضرورة وقف إطلاق النار الفوري، واستطاعت الدبلوماسية الأردنية مدعومة عربيا بتحقيق اختراق في الموقف الأوروبي لدعم ذات الطلب والوصول إلى تصريحات غير مسبوقة ضد تل أبيب وعدوانها المستمر حد وصفها حرب إبادة، لكن الموقف في واشنطن لم يتغير جذريا وبقي يراوح مكانه مع إشارات “تنبيه” خجولة لإسرائيل التي قررت حكومتها خوض الحرب حتى النهاية، وهي نهايات يعرفها الجميع لا تختلف عن مجريات الإبادة اليومية.

الهاجس الأردني من تداعيات استمرار المجازر الدموية والإصرار الإسرائيلي المعلن على توظيف الحرب لتطبيق خطة اليمين بأكبر عملية ترانسفير سكاني ظل حاضرا بقلق من انفجار وشيك في الضفة الغربية والتي يتعرض سكانها للاعتداءات المتكررة لا من إدارة الاحتلال الإسرائيلي وحسب، بل من مليشيات المستوطنين المسلحين بدعم رسمي وغض بصر عالمي وعمليات قضم الأراضي وضمها بعد تهجير سكانها في الأغوار المتاخمة لخطوط التماس مع الأردن.

هذا الهاجس بقي ثابتا وراسخا ومتفقا عليه بالإجماع “الرسمي والوطني” في العقل السياسي للدولة الأردنية وإن تعرض التصعيد السياسي في حرب التصريحات الرسمية على إسرائيل إلى عمليات تخفيض ملموسة كان مرده قلق من دفع كلف سياسية مؤجلة فيما بعد، وهذا حديث كان يدور في الصالونات السياسية في العاصمة الأردنية وتحدث به نخب أردنية رفيعة المستوى على صيغة رسائل تحذيرية لصانع القرار من تلك الكلف.

(مشهد):

في عشاء سياسي كامل الدسم في أطراف العاصمة عمان نهايات العام المنصرم، كان الحديث الذي ضم سياسيين وإعلاميين وكتاب واقتصاديين يدور حول تلك الكلف المتوقعة والتي يخشى الأردنيون دفعها كما حدث في تجربة حرب الخليج. أغلب الحاضرين كانوا ممن يملكون القدرة على التواصل مع صانع القرار نفسه، وكان حديثهم ناقدا للتصريحات الدبلوماسية “الشعبوية”  العنيفة ما لم يكن لها إسناد أمريكي واضح، وإسناد عربي إقليمي قابل لتحمل دفع الكلف لو وقعت، بالإضافة إلى الخوف من التحول إلى حرب إقليمية بدون وضوح في التحالفات الراهنة.

الزيارة الملكية الأخيرة لواشنطن، افتتح بها الملك جولة مكوكية بدأها في واشنطن ثم كندا، ومنها سيعود فوق الأطلسي إلى أوروبا وتحديدا إلى فرنسا وألمانيا.

في واشنطن، كانت الصور التي حملتها الأخبار وسبقتها تعكس ملامح قلقة ومقلقة على وجه الملك وهو يقف إلى جانب الرئيس الأمريكي جو بايدن.

في المؤتمر الصحفي الذي جمعهما كانت التباينات واضحة في كلا الخطابين، الأمريكي والأردني، تحدث بايدن بعموميات سياسية مشيرا إلى ما يخاف منه الجميع في المنطقة من مجزرة بشرية وشيكة في رفح، واستطرد بايدن بلا أي رفض للعملية الإسرائيلية المتوقعة في رفح، على شرط ضمان أمن وحياة مليون فلسطيني من المدنيين!

خطاب الملك الأردني كان واضحا في رفض قاطع لأي عملية وشيكة سترتكبها إسرائيل في رفح، محذرا من تداعياتها الكارثية.

مصادر مقربة من الملك نقلت لي دهشتها من المنطق الأمريكي في دعم عملية عسكرية يقودها يمين إسرائيلي متطرف بأحدث الأسلحة مع شرط ضمان حياة مليون مدني! وان ضمان حياة مليون فلسطيني لن يحصل بدون وقف العملية وبالضرورة وقف كل عمليات إطلاق النار فورا.

زيارة الملك إلى واشنطن، لم تكن ناجحة جدا، لكنها – وحسب طريقة الملك الأردني في التعامل مع واشنطن- لن تخلو من آثار سيتركها الملك في اجتماعاته الجانبية مع اللوبيات المؤثرة وجماعات المصالح والضغط التي يعرفها جيدا، ومن بينها جماعات الضغط اليهودية التي لها موقف حاد ضد اليمين الإسرائيلي الحاكم في تل أبيب، وهو سباق مع الوقت أمام عملية إبادة كارثية في رفح، متوقعة في أي وقت.

هناك رهان على تأثير في زيارة كندا، لكن الرهان الحقيقي ربما في زيارة قطبي الإتحاد الأوروبي الأكثر تأثيرا، فرنسا التي تبحث عن مصالحها في مجال الطاقة والغاز بعيدا عن تأثيرات اليمين الإسرائيلي، وألمانيا الأكثر تشددا في الاتحاد الأوروبي في مواقفها المنحازة لحكومة نتنياهو ويمينه المتطرف.

هي في المجمل، ومن زاوية حسابات أردنية “متشابكة في الداخل” لحظة مواجهة الحقيقة التي يحاول الجميع تجنبها وتجنب التفكير فيها، لكنها حقيقة مفادها أن الحرب بكل تداعياتها تتسع وعلى الجميع أن يعيد حساباته من جديد، ويتحسب.

ومن تلك الزاوية الأردنية، في مواجهة لحظة الحقيقة، وهي مواجهة مؤجلة منذ زمن، فإن الحسابات الداخلية صار لها استحقاقها الطبيعي أمام تحولات تعكس شروخا في الساحة الداخلية، وهو مايضع عملية الإصلاح السياسي أمام تحديات كانت كامنة تحت السطح، كان يمكن رؤيتها لكن لم تتوفر الرغبة قبل السابع من أكتوبر لرؤيتها.

العلاقات الإقليمية وإعادة ترتيبها بما يتوافق مع المصلحة الأردنية ضمن المعطيات الراهنة أيضا من التحديات الصعبة خصوصا بعد تموضع طويل في حسابات “إقليمية” لا تصلح بعد تداعيات السابع من أكتوبر.

وهو ما يجعلنا نفكر بجولة ملكية موازية مكوكية ومكثفة في الداخل السياسي الأردني لترتيب الأوراق جميعها، والتفكير بشكل مختلف عن “الراهن”، وتحقيق نوع من التماسك لكل ما هو قادم..لأنه بلا شك قادم.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.