skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
الأدباء المجرمون الجميلون
WhatsApp Image 2023-11-03 at 15.25.09
هاني نديم
December 14, 2023
رجل يستخدم الة الطباعة/ تعبيرية/ Photo by _____Inayat Ullah @Pexels
هاني نديم -

ذات صباح بعيد في دمشق، تبادل الجيران أن “سعدو” المجنون قد قتل ابن أبي معروف مطلقاً عليه 5 رصاصات لأن صوته غير جميل وهو مصرٌّ على الغناء وقد حذره أكثر من مرة دون أن يلقى “آذاناً صاغية”!

هذه الجريمة القديمة المضحكة إن جاز هنا التعبير، فتحت ملفاً كبيراً في رأسي من يومها يصل بشكل أو بآخر إلى عبثية الجريمة وبالتالي، النظر إليها كمنجز أدبي، إن جاز التعبير أيضاً! ولعل تسمية “مسرح” الجريمة لم تأت من عبث أبداً.

ثمة رابط خفي بين الأدب والجريمة على كل حال، ولعل جملة الروائي الياباني يوكو ماشيما “الكتابة هي بديل ممتاز عن جريمة قتل” تفسر القضية. الروائي الذي قتل نفسه انتحاراً آخر الأمر.

إن الانتقال من رهافة الكتابة إلى رهافة الجريمة شعرة.. والعكس أيضاً!

في العام 1967، قتل رجل العصابات الإسكتلندي جيمي بويل زميله في العصابة بوحشيةٍ متناهية واختبأ في لندن، وبعد أقل من عامٍ ألقي القبض عليه وسجن في “بارليني”، السجن السيء السمعة، وهناك أصبح فناناً وروائياً مرعباً. قضى جيمي وقته في نحت الأحجار وتفجّر عن موهبةٍ بديعة، وبعد عشر سنوات من حبسه، كتب سيرته الذاتية كرواية أسماها “الشعور بالحرية”، ويصف فيها كيف أنه تحرر بالفنون داخل السجن، ويتكلم عن نشأته القاسية في شوارع غلاسكو والجريمة التي تتكرر كشربة ماء في أحيائها، وكيف تمنع تلك الحياة المتوحشة الإحساس بالفنون والآداب، لكنها تفتح جرحاً نهماً باتجاهها. كانت رواية رائعة تحولت لاحقاً إلى فيلم سينمائي. صحيفة ذا صن وصفت بويل بأنه: “الكاتب الأشهر والأكثر حناناً في اسكتلندا”!

الرواية كانت سبباً أيضاً أن تقع طبيبته النفسية في غرامه وتتزوجه ويخرج قبل انقضاء المدة بسنوات، ونحت بعد حريته أكبر منحوتة خرسانية في أوروبا “جاليفر” لصالح جمعية خيرية، كما نشر عام 1984 رواية “ألم الحبس – يوميات السجن”، ورواية بعنوان “بطل العالم السفلي” تم تحويلها إلى فيلم فرنسي بعنوان “غضب وأحلام المدانين”، La Rage et le Rêve des Condamnés، وقد فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في جوائز الفيفا مونتريال عام 2002.

الكاتب نويل سميث، يشبه في قصته سيرة جيمي بويل، إلا أنه كان أكثر تردداً على السجن، حيث سجن لأول مرة وكان له من العمر 15 عاماً لسرقة التفاح، ثم بتهمة السطو المسلح، ثم الجريمة طبعاً، وتفجرت مواهبه داخل السجن كالعادة، لكن لم يتبنَ هذا الشقي أحد، وظل كذلك إلى وفاة ابنه المأساوية فكتب رواية بديعة عنوانها يشرح بجملة واحدة ما أردت أن أقوله في مقالي هذا: “كلماتٌ قليلةٌ ومسدسٌ محشو”! كتبها داخل السجن وحينما خرج وجد كبرى الصحف تنتظر منه العمل معها.

في دفاتر الشرطة وسجلاتها، تشير إحصائية أمريكية إلى أن معظم القتلة المتسلسلين لهم محاولات كتابية أو فنية في المجمل، وهذا يشرح قول ستاردل: “روائيو الجريمة هم مجرمون لكنهم أجبن من القيام بجريمة، لهذا يضعونها على الورق”!

إلا أن قول ستاردل لم ينطبق على الروائي الصيني المرعب ليو يونجبياو، حيث كان يقوم بالجريمة كـ”اسكتش” لكتابته الأدبية، فكان يستلهم من العملي للنظري وليس العكس! فقد قتل بوحشية أكثر من شخص بعد عمليات سطو، وظلت سرّا حيّر الشرطة الصينية في مدينة “هوتشو” لأكثر من عشرين عاماً كتب خلالها عدة روايات، فقد كان ليو مولعاً بالجريمة الكاملة، وحين توصلت إليه الشرطة من خلال الحمض النووي، قال لهم على الباب: ياه.. كنت أنتظركم طوال تلك السنين.

ليو الذي أُعدم قال فيه أحد النقاد: جرائمه كانت أفضل من رواياته مع الأسف.

وفي جريمة أدبية قريبة من جريمة سعدو الآنف الذكر، قامت الروائية الرومانسية المشهورة بعد سنوات طويلة من قتلها زوجها وطيّ ملف القضية ضد مجهول بنشر مقالٍ في الصحيفة بعنوان: “كيف تقتلين زوجك”! ولمطابقة المواصفات مع الملف القديم قبضت عليها الشرطة وألقتها في السجن. يبدو أن النساء لا يكتمن سراً حتى على أنفسهن!

وعلى ذكر الإلهام المتبادل، في 1983، وقعت حادثة حقيقية في أمريكا وهو العام الذي نُشر فيه كتاب: “القاتل المأجور: دليلٌ فني للقتلة المأجورين المستقلين”، لقد شرح هذا الكتاب طرائق القتل بحذر والتخلص من الجثث، وزادت شهرة الكتاب عندما استأجر لورنس هورن قاتلاً مأجوراً لقتل ابنه وزوجته السابقة وممرضة ابنه من أجل الحصول على أموال التأمين، وقد اتبع القاتل حرفيّاً التعليمات الواردة في الكتاب عن كيفية جعل المسدس صعب التعقب، واستخدام كاتم صوت منزلي الصنع، وإطلاق النار من مسافة قريبة، وما إلى ذلك. حُكم على القاتل بالإعدام، وعلى هورن بالسجن مدى الحياة، ورُفعت دعوى قضائية ضد ناشري الكتاب.

أخيراً، الأدباء المجرمون كثر كثيراً ولا نعرف كم من المجرمين هم أدباء لحد هذه اللحظة، ولكن أختتم بقصة جاك أونترويجر، القاتل العنيف الذي دخل السجن بتهمة قتل مارغريت شيفر في عام 1974.

أثناء وجوده في السجن، كتب سيرته الذاتية البديعة “المطهّر” والتي أصبحت الأكثر مبيعاً، وهي رواية تحكي عن الجانب الإنساني ومآثر جاك الإجرامية والعاطفية، ولقيت استحساناً نقدياً وجماهيرياُ كبيرين، وقامت الحشود بتنظيم مظاهرات لإطلاق سراحه مبكراً، وهو ما جرى، ولكنه كان خطأ مميتاً! فقد أصبح جاك بعد إطلاق سراحه قاتلاً متسلسلاً لم يسبق له مثيل، استهدف العاهرات وقتل تسعة منهن قبل أن تكتشفه التحقيقات. يقول أحد صحافيي نيويورك تايمز: “الموعظة من هذا: إن كان الرجل يكتب بشكل جيد، فهذا لا يعني أن تطلق سراحه”!

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.