skip to content
Skip to content

إقرأ أيضاً

ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
democratic-republican
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
ap24196042886688-1
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
b954816d-401f-44e3-9f1b-01f2fefe0bb7
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
استثمار زائف في ديمقراطية مملة
element5-digital-T9CXBZLUvic-unsplash
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
ازدراء الحقائق في العراق الأمريكي الإيراني
R
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
عزلة جو بايدن الأوروبية
AP21166435923906
WhatsApp Image 2023-10-12 at 13.46.04
كرم نعمة
أكل! أي أكل؟
WhatsApp Image 2023-10-04 at 19.42.28
سامح المحاريق
December 9, 2023
توزيع الطعام في ظل النقص الحاد في تأمينه من تقرير لتلفزيون "Euronews "
سامح المحاريق -

تصفعك على مواقع التواصل إدراجات قادمة من غزة بهذا التساؤل، وتواصل التقليب في صفحتك الرئيسية أو صفحات الأصدقاء، وتعود إدراجات حول شهادة الموظف الأممي الرفيع الذي يقود منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا وحديثه عن السؤال الذي سمعه من جميع الأطفال الذين قابلهم في غزة، الطعام! الأكل!
تتكشف خطة إسرائيلية قديمة لتجويع غزة من خلال احتساب الحدود الدنيا لحاجة الإنسان للسعرات الحرارية، وهندسة دخول إمدادات الغذاء للقطاع ضمن برنامج الخطوط الحمراء المطبق منذ سنوات الذي يقتضي بألا توفر إسرائيل الغذاء إلا في الحدود الدنيا التي تفترض أن الشخص في غزة يجب أن يحصل على طعام أقل من الشخص في إسرائيل، وكان الحد الأقصى المسموح به 2279 سعراً حرارياً للذكر البالغ، أو الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه، لا يمكن للفلسطيني أن يصل إلى هذه الحافة من الاستهلاك، ولكن حتى هذه الكميات لم تكن متوفرة منذ مباشرة حصار غزة قبل 16 عاماً.
أسعار الغذاء في فلسطين مرتفعة قياساً بالدخل الذي يحققه المواطن الفلسطيني، والأسرة الفلسطينية كبيرة نسبياً، فالفلسطينيون ينجبون مع هامش للفقد مثل ممارسة قديمة تسيدت في عصور الظلام والعصور الوسطى في أزمنة الهشاشة الإنسانية أمام الطبيعة، فالمرأة الفلسطينية تعايش شعوراً لا تعرفه معظم النساء في العالم، ففي أسوأ البلدان تفقد الأمهات أطفالهن قبل مشاهدة الخطوات الأولى لهم، أما في فلسطين، فالمرأة تشاهد طفلها يكبر أمامها، ينتصب شاباً يحمل طيفاً من أقصى تجليات الوسامة المتوسطية، وفجأة تتخطفه آلة الموت الإسرائيلية، فتتوالى الفجيعة وذاكرة الأم الغائمة تستجلب أول كلمة نطقها الابن (بابا) عادةً، وأول خطوة، واليوم الأول في المدرسة، والمناكفة حول البازيلاء التي لا يحبها الأطفال وينتزعونها جانباً من الأرز، وابنة الجيران التي عرفت الأم أنها تعيش في مخيلة المراهقة لابنها، كيف ستستقبلها في العزاء؟ وكيف ستبقي ذلك السر في قلبها للأبد.
من أجل هذه اللحظة، تنجب المرأة الفلسطينية وتسعى للمزيد من الأبناء، وتعرف ما الذي يعنيه “وهناً على وهن” في هامش الفقد، المرأة الفلسطينية المقامرة العظيمة التي تضع أوراق الحياة أمام لعبة الموت، والإنسان الفلسطيني يعتبر الوجود المحض في الزمكان الفلسطيني نضالاً في حد ذاته، فالحصار والتضييق يتواصلان والمهندسون وخبراء الاحصاءات يضعون في المعاهد المتقدمة معادلاتهم لإبقائه على حافة الجوع والخيارات المحدودة.
مع الحرب على غزة تراجعت الخطوط الحمراء لتدفع الإنسان الفلسطيني للسعي وراء الأكل، أي أكل، الكمية والنوعية ترفٌ يبدو غير متاح للفلسطيني، والموائد المتقشفة التي نادراً ما تجاور فيها صنفان من الطعام أصبحت يوتوبيا يستعيدها الفلسطيني وهو يبحث عن الأكل! أي أكل.
هل أنهيت وجبتك السابقة؟ هل تراها بسيطة؟ هل أنبت نفسك على الإفراط في النشويات؟ مهما كانت وجبتك سيئة صديقـ(تي) القارئـ(ـة)، فهي حلم يجول في غزة وليلها من غير تحقق، حلم جريء للغاية، فالواقع، يبقى ضاجاً بكلمة (أكل أي أكل!).
المشكلة ليست في توفير الغذاء، مئات الأطنان ما زالت تتقاطر إلى الجانب المصري من معبر رفح، ولكن دخولها يعتبر معضلة سياسية لتواجد مشاهد يحرص الجميع على تجاهلها، ودخول الغذاء يواجه واقعاً متاهةً للعبور بين الخرائب من أجل الوصول إلى الفلسطينيين.
كشفت الحرب على غزة أطرافاً من جبل الجليد الذي تناساه العالم من فظائع تمارس بصورة روتينية للتضييق على الفلسطينيين، ومع ذلك، ما زالت الكثير من العقول تتوقف عند إصرارها البليد على بداية القصة من السابع من أكتوبر، وكأنه نزوة منفصلة عن السياق، وما زالت على إصرارها أن حلاً لمشكلة الأكل يمكن أن يعتبر انجازاً وابراءً للذمة، مع أن الهندسة التي وقفت وراء التجويع الخفي وغير المعلن لسنوات وغيرها من الممارسات الشيطانية مجرد تدبيرات اعتيادية يمكن قبولها والتغاضي عنها.

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال تعبر عن كتّاب المقالات، ولا تعبر بالضرورة عن آراء الموقع وإدارته.